تبقى بعده متظاهرة أمور الاسلام قائمة بالجهاد حتى في البحر (قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة) جمع غاز كقضاة جمع قاض بالنصب على الحالية وقوله عرضوا بصيغة المجهول وعلى بتشديد التحتية (يركبون ثبج هذا البحر) قال الحافظ الثبج بفتح المثلثة والموحدة ثم جيم ظهر الشئ هكذا فسره جماعة وقال الخطابي متن البحر وظهره وقال الأصمعي ثبج كل شئ وسطه قال والراجح أن المراد هنا ظهره كما وقع في رواية عند مسلم يركبون ظهر البحر (ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة) بالشك من إسحاق الراوي عن أنس كما في رواية البخاري: ووقع في رواية كالملوك على الأسرة من غير شك وفي رواية مثل الملوك على الأسرة بغير شك أيضا وفي رواية لأحمد مثلهم كمثل الملوك على الأسرة ذكر الحافظ هذه الروايات في الفتح قال ابن عبد البر أراد والله أعلم أنه رأى الغزاة في البحر من أمته ملوكا على الأسرة في الجنة ورؤياه وحي وقد قال الله تعالى في صفة أهل الجنة على سرر متقابلين وقال على الأرائك متكئون والأرائك السرر في الحجال وقال عياض هذا محتمل ويحتمل أيضا أن يكون خبرا عن حالهم في الغزو من سعة أحوالهم وقوام أمرهم وكثرة عددهم وجودة عددهم فكأنهم الملوك على الأسرة قال الحافظ وفي هذا الاحتمال بعد والأول أظهر لكن الاتيان بالتمثيل في معظم طرقه يدل على أنه رأى ما يؤول إليه أمرهم لا أنهم نالوا ذلك في تلك الحالة أو موقع التشبيه أنهم فيما هم من النعيم الذي أثبتوا به على جهادهم ملوك الدنيا على أسرتهم فالتشبيه بالمحسوسات أبلغ في نفس السامع (فدعا لها) وفي رواية اللهم اجعلها منهم وفي رواية لمسلم فإنك منهم ويجمع بأنه دعا لها فأجيب فأخبرها جازما بذلك (نحو ما قال في الأول) ظاهره أن الفرقة الثانية يركبون البحر أيضا قال الحافظ ولكن رواية عمير بن الأسود تدل على أن الثانية إنما غزت في البر لقوله يغزون مدينة قيصر وقد حكى ابن التين أن الثانية وردت في غزاة البر وأقره وعلى هذا يحتاج إلى حمل المثلية في الخبر على معظم ما اشتركت فيه الطائفتان لا خصوص ركوب البحر ويحتمل أن يكون بعض العسكر الذين غزوا مدينة قيصر ركبوا البحر إليها وعلى تقدير أن يكون المراد ما حكى ابن التين فتكون الأولية مع كونها في البر مقيدة بقصد مدينة قيصر وإلا فقد غزوا قبل ذلك في البر مرارا وقال القرطبي الأولى في أول من غزا البحر من الصحابة والثانية في أول من غزا البحر من التابعين وقال الحافظ بل كان في كل منهما من الفريقين لكن
(٢٢٨)