قوله: (من انتهب) أي أخذ ما لا يجوز له أخذه قهرا جهرا (فليس منا) أي ليس من المطيعين لأمرنا لأن أخذ مال المعصوم بغير إذنه ولا علم رضاه حرام بل يكفر مستحله قاله المناوي وقال القاري ليس من جماعتنا وعلى طريقتنا قوله: (هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أنس) وأخرجه أحمد والضياء (باب ما جاء في التسليم على أهل الكتاب) قوله: (لا تبدأوا اليهود والنصارى) أي ولو كانوا ذميين فضلا عن غيرهما من الكفار (بالسلام لأن الابتداء به إعزاز للمسلم عليه ولا يجوز إعزازهم وكذا لا يجوز تواددهم وتحاببهم بالسلام ونحوه) قال تعالى لا تحد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله الآية ولأنا مأمورون بإذلالهم كما أشار إليه سبحانه بقوله: (وهم صاغرون) كذا في المرقاة (فاضطروه) أي ألجئوه (إلى أضيقه) أي أضيق الطريق بحيث لو كان في الطريق جدار يلتصق بالجدار وإلا فيأمره ليعدل عن وسط الطريق إلى أحد طرفيه وفي شرح مسلم للنووي قال بعض أصحابنا يكره ابتداؤهم بالسلام ولا يحرم وهذا ضعيف لأن النهي للتحريم فالصواب تحريم ابتدائهم وحكى القاضي عياض عن جماعة أنه يجوز ابتداؤهم للضرورة والحاجة وهو قول علقمة والنخعي وقال الأوزاعي إن سلمت فقد سلم الصالحون وإن تركت فقد ترك الصالحون وأما المبتدع فالمختار أنه لا يبدأ بالسلام إلا لعذر وخوف من مفسده ولو سلم على من لم يعرفه فبان ذميا استحب أن يسترد سلامه بأن يقول استرجعت سلامي تحقيرا له وقال لأصحابنا لا يترك للذمي صدر الطريق بل يضطر إلى أضيقه ولكن التضييق بحيث لا يقع في وهدة ونحوها وإن خلت الطريق عن الزحمة فلا حرج انتهى
(١٨٨)