قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه البخاري بطوله (باب ما جاء في الطيرة) بكسر الطاء وفتح التحتانية قوله: (الطيرة من الشرك) أي لاعتقادهم أن الطيرة تجلب لهم نفعا أو تدفع عنهم ضرا فإذا عملوا بموجبها فكأنهم أشركوا بالله في ذلك ويسمى شركا خفيا وقال بعضهم يعني من أعتقد أن شيئا سوى الله تعالى ينفع أو يضر بالاستقلال فقد أشرك أي شركا جليا وقال القاضي إنما سماها شركا لأنهم كانوا يرون ما يتشاءمون به سببا مؤثرا في حصول المكروه وملاحظة الأسباب في الجملة شرك خفي فكيف إذا انضم إليها جهالة وسوء اعتقاد (وما منا) أي لأحد (إلا) أي إلا من يخطر له من جهة الطيرة شئ ما لتعود النفوس بها فحذف المستثنى كراهة أن يتفوه به قال التوربشتي أي إلا من يعرض له الوهم من قبل الطيرة وكره أن يتم كلامه ذلك لما يتضمنه من الحالة المكروهة وهذا نوع من الكلام يكتفي دون المكروه منه با شارة فلا يضرب لنفسه مثل السوء (ولكن الله) بتشديد النون ونصب الجلالة (يذهبه) بضم الياء من الا ذهاب إي يزيل ذلك الوهم المكروه (بالتوكل) أي يسبب الاعتماد عليه والاستناد إليه سبحانه وحاصله أن الخطرة ليس بها عبرة فإن وقعت غفلة لا بد من رجعة وأوبة من حوبة كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك وكفارة ذلك أن يقول اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك رواه أحمد والطبراني قوله: (في هذا الحديث) أي في تحقيق شأنه وما يتعلق بقوله (وما منا إلا ولكن الله يذهبه
(١٩٧)