معظم الأولى من الصحابة والثانية بالعكس وقال عياض والقرطبي في السياق دليل على أن رؤياه الثانية غير رؤياه الأولى وأن في كل نومه عرضت طائفة من الغزاة وأما قول أم حرام أدع الله أن يجعلني منهم في الثانية فلظنها أن الثانية تساوي الأولى في المرتبة فسألت ثانيا ليتضاعف لها الأجر لا أنها شكت في إجابة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لها في المرة الأولى وفي جزمه بذلك قال الحافظ لا تنافي بين إجابة دعائه وجزمه بأنها من الأولين وبين سؤالها أن تكون من الآخرين لأنه لم يقع التصريح لها أنها تموت قبل زمان الغزوة الثانية فجوزت أنها تدركها فتغزو معهم ويحصل لها أجر الفريقين فأعلمها أنها لا تدرك زمان الغزوة الثانية فكان كما قال صلى الله عليه وسلم انتهى (أنت من الأولين) قال النووي هذا دليل على أن رؤياه الثانية غير الأولى وأنه عرض فيه غير الأولين (فركبت أم حرام البحر في زمن معاوية بن أبي سفيان) ظاهره يوهم أن ذلك كان في خلافة معاوية وليس كذلك وقد اغتر بظاهره بعض الناس فوهم فإن القصة إنما وردت في حق أول من يغزو في البحر وكان عمر ينهى عن ركوب البحر فلما ولي عثمان استأذنه معاوية في الغزو في البحر فأذن له ونقله أبو جعفر الطبري عن عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم ويكفي في الرد عليه التصريح في الصحيح بأن ذلك كان أول ما غزا المسلمون في البحر ونقل أيضا من طريق خالد بن معدان قال: أول من غزا البحر معاوية في زمن عثمان وكان استأذن عمر فلم يأذن له فلم يزل بعثمان حتى أذن له وقال لا تنتخب أحدا بل من اختار الغزو فيه طائعا فأعنه ففعل كذا في الفتح (فصرعت) بصيغة المجهول (عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت) وفي رواية فلما انصرفوا من غزوهم قافلين إلى الشام قربت إليها دابة لتركبها فصرعت فماتت وفي رواية عند أحمد فوقصتها بغلة لها شهباء فوقعت فماتت وفي رواية فوقعت فاندقت عنقها والحاصل أن البغلة الشهباء قربت إليها لتركبها فشرعت لتركب فسقطت فاندقت عنقها فماتت تنبيه قد أشكل على جماعة نومه صلى الله عليه وسلم عند أم حرام وتفليتها رأسه فقال النووي اتفق العلماء على أنها كانت محرما له صلى الله عليه وسلم واختلفوا في كيفية ذلك فقال ابن عبد البر وغيره كانت إحدى خالاته صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وقال آخرون بل كانت خالة لأبيه أو لجده لأن عبد المطلب كانت أمه من بني النجار انتهى قلت: في ادعائه الانفاق نظر ظاهر على أن في كونها محرما له صلى الله عليه وسلم تأملا فقد بالغ الدمياطي في الرد على من ادعى المحرمية فقال ذهل كل من زعم أن أم حرام إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة أو من النسب وكل من أثبت لها خؤولة تقتضي محرمية لأن أمهاته من
(٢٢٩)