قوله: (جاءت عمتي) عمة جابر هذه فاطمة بنت عمرو بن حرام الأنصاري كما في المرقاة (بأبي) الباء للتعدية (لتدفنه في مقابرنا) أي في المدينة (ردوا القتلى) جمع القتيل وهو المقتول أي الشهداء (وإلى مضاجعها) أي مقاتلهم والمعنى لا تنقلوا الشهداء من مقتلهم بل ادفنوهم حيث قتلوا قال القاري وكذا من مات في موضع لا ينقل إلا بلد آخر قال بعض علمائنا وقال في الأزهار الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم ردوا القتلى للوجوب وذلك أن نقل الميت من موضع إلى موضع يغلب فيه التغير حرام وكان ذلك زجرا عن القيام بذلك والإقدام عليه وهذا أظهر دليل وأقوى حجة في تحريم النقل وهو التصحيح نقله السيد والظاهر أن نهي النقل مختص بالشهداء لأنه نقل ابن أبي وقاص من قصره إلى المدينة بحضور جماعة من الصحابة ولم ينكروا والأظهر أن يحمل النهي على نقلهم بعد دفنهم لغير عذر ويؤيده لفظ مضاجعهم ولعل وجه تخصيص الشهداء قوله تعالى قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وفيه حكمة أخرى وهو اجتماعهم في مكان واحدة حياة وموتا وبعثا وحشرا ويتبرك الناس بالزيارة إلى مشاهدهم ويكون وسيلة إلى زيارة جبل أحد حيث قال عليه الصلاة والسلام أحد جبل يحبنا ونحبه انتهى كلام القاري وقال الحافظ في الفتح اختلف في جواز نقل الميت من بلد إلى بلد فقيل يكره لما فيه من تأخير دفنه وتعريضه لهتك حرمته وقيل يستحب والأولى تنزيل ذلك على حالتين فالمنع حيث لم يكن هناك غرض راجح كالدافن في البقاع الفاضلة وتختلف الكراهة في ذلك فقد تبلغ التحريم والاستحباب حيث يكون ذلك بقرب مكان فاضل كما نص الشافعي على استحباب نقل الميت إلى الأرض الفاضلة كمكة وغيرها والله أعلم انتهى قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والدارمي (باب ما جاء في تلقي الغائب إذا قدم قوله: (لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك) أي من غزوة تبوك وهي مكان معروف وهو نصف
(٣١٠)