الذي ليس بمخالف للإسلام (إلا شدة) أي شدة توثق فيلزمكم الوفاء به قال القاري فإن الاسلام أقوى من الحلف فمن استمسك بالعاصم القوي استغنى عن العاصم الضعيف قال في النهاية أصل الحلف المعاقدة على التعاضد والتساعد والاتفاق فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل فذلك الذي ورد النهي عنه في الاسلام بقوله صلى الله عليه وسلم لا حلف في الاسلام وما كان منه في الجاهلية على نصرة المظلوم وصلة الأرحام ونحوهما فذلك الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم أيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلا شدة (ولا تحدثوا) من الاحداث أي لا تبتدعوا (حلفا في الاسلام) قال المناوي لا تحدثوا فيه محالفة بأن يرث بعضكم بعضا فإنه لا عبرة فيه انتهى وقال القاري أي لأنه كاف في وجوب التعاون قال الطيبي التنكير فيه يحتمل وجهين أحدهما أن يكون للجنس أي لا تحدثوا حلفا ما والاخر أن يكون للنوع قال القاري الظاهر هو الثاني ويؤيده قول المظهر يعني إن كنتم حلفتم في الجاهلية بأن يعين بعضكم بعضا ويرث بعضكم من بعض فإذا أسلمتم فأوفوا به فإن الاسلام يحرضكم على الوفاء به ولكن لا تحدثوا محالفة في الاسلام بأن يرث بعضكم من بعض انتهى قوله: (وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف الخ) أما حديث جبير بن مطعم فأخرجه مسلم وأبو داود عنه مرفوعا لا حلف في الاسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلا شدة وأما أحاديث عبد الرحمن وغيره فلينظر من أخرجها قوله: (وهذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد (باب أخذ الجزية من المجوسي) الجزية من جزأت الشئ إذا قسمته ثم سهلت الهمزة وقيل من الجزاء أي لأنها جزاء تركهم ببلاد الاسلام أو من الاجزاء لأنها من تواضع عليه في عصمة دمه قال الله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون أي ذليلون حقيرون وهذه الآية هي الأصل في مشروعية
(١٧٤)