قلت لا شك في أن الأصل في الأشياء الإباحة لكن بشرط عدم الاضرار وأما إذا كانت مضرة في الأجل أو العاجل فكلا ثم كلا وقد أشار إلى ذلك الشوكاني رحمه الله بقوله ولا من جنس ما يضر آجلا أو عاجلا وأكل التنباك وشرب دخانه بلا مرية وإضراره عاجلا ظاهر غير خفي وإن كان فيه شك فليأكل منه وزن ربع درهم أو سدسه ثم لينظر كيف يدور رأسه وتختل حواسه وتتقلب نفسه حيث لا يقدر أن يفعل شيئا من أمور الدنيا أو الدين بل لا يستطيع أن يقوم أو يمشي وما هذا شأنه فهو مضر بلا شك فقول الشوكاني ولا من جنس ما يضر آجلا أو عاجلا ليس بصحيح وإذا عرفت هذا ظهر لك أن إضراره عاجلا هو الدليل على عدم إباحة أكله وشرب دخانه هذا ما عندي والله تعالى أعلم قوله: (وفي الباب عن المغيرة) لينظر من أخرجه قوله: (هذا حديث غريب) وأخرجه ابن ماجة والحاكم في المستدرك وفي سنده سيف بن هارون وهو ضعيف كما عرفت (باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت قوله: (ألا نزعتم جلدها ثم دبغتموه فاستمتعتم به) فيه دليل على أن جلود الميتة لا يجوز الاستمتاع بها أي استمتاع كان إلا بعد الدباغ وأما قبل الدباغ فلا يجوز الانتفاع كالبيع وغيره وهو القول الراجح المعول عليه ولم يقع في رواية البخاري والنسائي ذكر الدباغ فهي محمولة على الرواية المقيدة بالدباغ
(٣٢٥)