قوله: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظروف) جمع ظرف وهو الوعاء أي عن الانتباذ فيها وفي رواية مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر نهى عن الدباء والمزفت (فقالوا ليس لنا وعاء) وفي رواية البخاري فقالت الأنصار إنه لا بد لنا منها (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (فلا إذا) قال الحافظ جواب وجزاء أي إذا كان كذلك لا بد لكم منها فلا تدعوها وحاصله أن النهي كان ورد على تقدير عدم الاحتياج أو وقع وحي في الحال بسرعة أو كان الحكم في تلك المسألة مفوضا لرأيه صلى الله عليه وسلم وهذه الاحتمالات ترد على من جزم بأن الحديث حجة في أنه صلى الله عليه وسلم كان يحكم بالاجتهاد انتهى وفي عمدة القاري قال ابن بطال النهي عن الأوعية إنما كان قطعا للذريعة فلما قالوا لا بد لنا قال انتبذوا فيها وكذلك كل نهي كان لمعنى النظر إلى غيره كنهيه عن الجلوس في الطرقات فلما ذكروا أنهم لا يجدون بدا من ذلك قال إذا أبيتم فأعطوا الطريق حقه وقال أبو حنيفة وأصحابه الانتباذ في جميع الأوعية كلها مباح وأحاديث النهي عن الانتباذ منسوخة بحديث جابر هذا ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام أطلق لهم جميع الأوعية والظروف حين قال له الأنصار لا بد لنا منها فقال فلا إذا ولم يستثن منها شيئا انتهى قوله: (وفي الباب عن ابن مسعود وأبي هريرة وأبي سعيد وعبد الله بن عمرو) أما حديث ابن مسعود فأخرجه ابن ماجة عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني كنت نهيتكم عن نبيذ الأوعية ألا وإن وعاء لا يحرم شيئا كل مسكر حرام وأما حديث أبي هريرة وحديث أبي سعيد فلينظر من أخرجهما وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الشيخان عنه قال لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبيذ في الأوعية قالوا ليس كل الناس يجد فأرخص لهم في الجر غير المزفت قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه البخاري وأبو داود والنسائي (باب ما جاء في السقاء) أي في الانتباذ في السقاء
(٤٩٩)