بالشجاعة (ويقاتل حمية) أي لمن يقاتل لأجله من أهل أو عشيرة أو صاحب (ويقاتل رياء) أي ليرى الناس منزلته في سبيل الله وفي رواية البخاري في الجهاد ليرى مكانه (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) قال الحافظ المراد بكلمة الله ودعوة الله إلى الاسلام ويحتمل أن يكون المراد أنه لا يكون في سبيل الله إلا من كان سبب قتاله طلب إعلاء كلمة الله فقط بمعنى أنه لو أضاف إلى ذلك سببا من الأسباب المذكورة أخل بذلك ويحتمل أن لا يخل إذا حصل ضمنا لا أصلا ومقصودا وبذلك صرح الطبري فقال إذا كان أصل الباعث هو الأول لا يضره ما عرض له بعد ذلك وبذلك قال الجمهور لكن روى أبو داود والنسائي من حديث أبو أمامة بإسناد جيد قال: جاء رجل فقال يا رسول الله أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ماله قال لا شئ له فأعادها ثلاثا كل ذلك يقول لا شئ له ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغى به وجهه ويمكن أن يحمل هذا على من قصد الأمرين معا على حد واحد فلا يخالف المرجح أولا فتصير المراتب خمسا أن يقصد الشيئين معا أو يقصد أحدهما صرفا أو يقصد أحدهما ويحصل الاخر ضمنا فالمحذور أن يقصد غير الاعلاء فقد يحصل الاعلاء ضمنا وقد لا يحصل ويدخل تحته مرتبتان وهذا ما دل عليه حديث أبي موسى ودونه أن يقصدهما معا فهو محذور أيضا على ما دل عليه حديث أبي أمامة والمطلوب أن يقصد الاعلاء صرفا وقد يحصل غير الاعلاء وقد لا يحصل عير الاعلاء وقد لا يحصل ففيه مرتبتان أيضا قال ابن أبي جمرة ذهب المحققون إلى أنه إذا كان الباعث الأول قصد إعلاء كلمة الله لم يضره ما انضاف إليه انتهى قال الحافظ ويدل على أن دخول غير الاعلاء ضمنا لا يقدح في الاعلاء إذا كان الاعلاء هو الباعث الأصلي ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن عبد الله بن حوالة قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أقدامنا لنغنم فرجعنا ولم نغنم شيئا فقال اللهم لا تكلهم إلى الحديث قال وفي الحديث بيان أن الأعمال إنما تحتسب بالنية الصالحة وأن الفضل الذي ورد في المجاهد يختص بمن ذكر وفي ذم الحرص على الدنيا وعلى القتال لحظ النفس في غير الطاعة انتهى قوله: (وفي الباب عن عمر) أخرجه الترمذي بعد هذا قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجة
(٢٣١)