(باب ما جاء أي الناس أفضل) قوله: (أي الناس أفضل) قال القاضي هذا عام مخصوص وتقديره هذا من أفضل الناس وإلا فالعلماء أفضل وكذا الصديقون كما جاءت به الأحاديث (رجل) وفي رواية الشيخين مؤمن بدل رجل قال الحافظ وكان المراد بالمؤمن من قام بما تعين عليه القيام به ثم حصل هذه الفضيلة وليس المراد من اقتصر على الجهاد وأهمل الواجبات العينية وحينئذ يظهر فضل المجاهدات لما فيه من بذل نفسه وماله لله تعالى ولما فيه من النفع المتعدي وإنما كان المؤمن المعتزل يتلوه في الفضيلة لأن الذي يخالط الناس لا يسلم من ارتكاب الآثام فقد لا يفي هذا بهذا وهو مقيد بوقوع الفتن انتهى (يجاهد في سبيل الله) زاد الشيخان بنفسه وماله (ثم مؤمن) وفي رواية لمسلم ثم رجل معتزل (في شعب من الشعاب) قال النووي الشعب ما انفرج بين الجبلين وليس المراد نفس الشعب بل المراد الانفراد والاعتزال وذكر الشعب مثالا لأنه خال عن الناس غالبا قال الحافظ وفي الحديث فضل الانفراد لما فيه من السلامة من الغيبة واللغو ونحو ذلك وأما اعتزال الناس أصلا فقال الجمهور محل ذلك عند وقوع الفتن كما سيأتي بسطه في الفتن ويؤيد ذلك رواية بعجة بن عبد الله عن أبي هريرة مرفوعا يأتي على الناس زمان يكون خير الناس فيه منزلة من أخذ بعنان فرسه في سبيل الله يطلب الموت في مظانه ورجل في شعب من هذه الشعاب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويدع الناس إلا من خير أخرجه مسلم وابن حبان من طريق أسامة بن زيد الليثي عن بعجة قال ابن عبد البر إنما وردت هذه الأحاديث بذكر الشعب والجبل لأن ذلك في الأغلب يكون خاليا من الناس فكل موضع يبعد عن الناس فهو داخل في هذا المعنى انتهى (يتقي ربه) أي يخافه فيما أمر ونهى (ويدع) أي يترك (الناس من شره) فلا يخاصمهم ولا ينازعهم في شئ قوله: (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجة
(٢٤٦)