وأما حديث ابن عباس فقال العيني في العمدة بعد ذكر هذا الحديث من طريق مقسم عن ابن عباس ونقل تحسينه انفرد بإخراجه الترمذي قوله: (عن سعيد بن أبي هلال) قال في التقريب سعيد بن أبي هلال الليثي مولاهم أبو العلاء المصري قبل مدني الأصل وقال ابن يونس بل نشأ بها صدوق لم أر لابن حزم في تضعيفه سلفا إلا أن الساجي حكى عن أحمد أنه اختلط من السادسة انتهى وقد وقع في النسخة الأحمدية المطبوعة في الهند عن سعد بن أبي هلال وهو غلط فاحش فإنه ليس في الرجال من اسمه سعد بن أبي هلال (عن ابن أبي ذباب) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن سعد بن أبي ذباب بضم المعجمة وموحدتين ثقة من الثالثة قوله: (مر رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بشعب) قال في القاموس الشعب بالكسر الطريق في الجبل ومسيل الماء في بطن أرض أما انفرج بين الجبلين انتهى والظاهر أن المراد هنا هو المعنى الأخير (فيه عيينة) تصغير عين بمعنى المنبع (من ماء) قال الطيبي صفة عيينة جئ بها مادحه لأن التنكير فيها يدل على نوع ماء صاف تروق بها الأعين وتبهج به الأنفس (عذبه) بالرفع صفة عيينة وبالجر على الجوار أي طيبة أو طيب ماؤها قال الطيبي وعذبة صفة أخرى مميزة لأن الطعم الألذ سائغ في المرئ ومن ثم أعجب الرجل وتمنى الاعتزال عن الناس (فأعجبته) أي العيينة وما يتعلق بها من المكان (فقال) أي الرجل (لو اعتزلت الناس) لو للتمني ويجوز أن تكون لو امتناعية وقوله (فأقمت في هذا الشعب) عطف على اعتزلت وجواب لو محذوف أي لكان خيرا لي (فذكر ذلك) أي ما خطر بقلبه (فقال لا نفعل) نهى عن ذلك لأن الرجل صحابي وقد وجب عليه الغزو فكان اعتزاله للتطوع معصية لاستلزامه ترك الواجب ذكره ابن الملك تبعا للطيبي (فإن مقام أحدكم) قال القاري بفتح الميم أي قيامه وفي نسخة يعني من المشكاة بضمها وهي الإقامة بمعنى ثبات أحدكم (في سبيل الله) أي بالاستمرار في القتال مع الكفار خصوصا في خدمة سيد الأبرار (أفضل من صلاته في بيته) يدل على أن طلبه كان مفضولا لا محرما (سبعين عاما) قال القاري المراد به الكثرة لا التحديد فلا ينافي ما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مقام الرجل في الصف في سبيل
(٢٣٨)