ذلك من عمر والذي يظهر والله أعلم حمل الامر في ذلك على ما تقدم في الحديث الذي قبله في حق فاطمة وان كلا من علي وفاطمة والعباس اعتقد أن عموم قوله لا نورث مخصوص ببعض ما يخلفه دون بعض ولذلك نسب عمر إلى علي وعباس أنهما كانا يعتقدان ظلم من خالفهما في ذلك وأما مخاصمة علي وعباس بعد ذلك ثانيا عند عمر فقال إسماعيل القاضي فيما رواه الدارقطني من طريقه لم يكن في الميراث انما تنازعا في ولاية الصدقة وفي صرفها كيف تصرف كذا قال لكن في رواية النسائي وعمر بن شبة من طريق أبي البختري ما يدل على أنهما أرادا أن يقسم بينهما على سبيل الميراث ولفظه في آخره ثم جئتماني الآن تختصمان يقول هذا أريد نصيبي من ابن أخي ويقول هذا أريد نصيبي من امرأتي والله لا أقضي بينكما الا بذلك أي الا بما تقدم من تسليمها لهما على سبيل الولاية وكذا وقع عند النسائي من طريق عكرمة بن خالد عن مالك بن أوس نحوه وفي السنن لأبي داود وغيره أرادا أن عمر يقسمها بينهما لينفرد كل منهما بنظر ما يتولاه فامتنع عمر من ذلك وأراد أن لا يقع عليها اسم قسم ولذلك أقسم على ذلك وعلى هذا اقتصر أكثر الشراح واستحسنوه وفيه من النظر ما تقدم وأعجب من ذلك جزم ابن الجوزي ثم الشيخ محيي الدين بان عليا وعبا سالم يطلبا من عمر الا ذلك مع أن السياق صريح في أنهما جاءاه مرتين في طلب شئ واحد لكن العذر لابن الجوزي والنووي انهما شرحا اللفظ الوارد في مسلم دون اللفظ الوارد في البخاري والله أعلم وأما قول عمر جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك فإنما عبر بذلك لبيان قسمة الميراث كيف يقسم أن لو كان هناك ميراث لا انه أراد الغض منهما بهذا الكلام وزاد الامامي عن ابن شهاب عند عمر بن شبة في آخره فاصلحا أمركما والا لم يرجع والله اليكما فقاما وتركا الخصومة وأمضيت صدقة وزاد شعيب في آخره قال ابن شهاب فحدثت به عروة فقال صدق مالك بن أوس انا سمعت عائشة تقول فذكر حديثا قال وكانت هذه الصدقة بيد على منعها عباسا فغلبه عليها ثم كانت بيد الحسن ثم بيد الحسين ثم بيد علي بن الحسين والحسن بن الحسن ثم بيد زيد بن الحسن وهي صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مثله وزاد في آخره قال معمر ثم كانت بيد عبد الله بن حسن حتى ولي هؤلاء يعني بني العباس فقبضوها وزاد إسماعيل القاضي أن اعراض العباس عنها كان في خلافة عثمان قال عمر بن شبة سمعت أبا غسان هو محمد بن يحيى المدني يقول إن الصدقة المذكورة اليوم بيد الخليفة يكتب في عهده يولى عليها من قبله من يقبضها ويفرقها في أهل الحاجة من أهل المدينة (قلت) كان ذلك على رأس المائتين ثم تغيرت الأمور والله المستعان * واختلف العلماء في مصرف الفئ فقال مالك الفئ والخمس سواء يجعلان في بيت المال ويعطى الامام أقارب النبي صلى الله عليه وسلم بحسب اجتهاده وفرق الجمهور بين خمس الغنيمة وبين الفئ فقال الخمس موضوع فيما عينه الله فيه من الأصناف المسمين في آية الخمس من سورة الأنفال لا يتعدى به إلى غيرهم وأما الفئ فهو الذي يرجع النظر في مصرفه إلى رأي الامام بحسب المصلحة وانفرد الشافعي كما قال ابن المنذر وغيره بان الفئ يخمس وان أربعة أخماسه للنبي صلى الله عليه وسلم وله خمس الخمس كما في الغنيمة وأربعة أخماس الخمس لمستحق نظيرها من الغنيمة وقال الجمهور مصرف الفئ كله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتجوا بقول عمر فكانت هذه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وتأول الشافعي قول عمر المذكور بأنه يريد
(١٤٥)