لا يفي هذا بهذا وهو مقيد بوقوع الفتن (قوله مؤمن في شعب) في رواية مسلم من طريق معمر عن الزهري رجل معتزل (قوله يتقي الله) في رواية مسلم من طريق الزبيدي عن الزهري يعبد الله وفي حديث ابن عباس معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعتزل شرور الناس والترمذي وحسنه والحاكم وصححه من طريق ابن أبي ذئاب عن أبي هريرة أن رجلا مر بشعب فيه عين عذبة فأعجبه فقال لو اعتزلت ثم استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا تفعل فان مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما وفي الحديث فضل الانفراد لما فيه من السلامة من الغيبة واللغو ونحو ذلك وأما اعتزال الناس أصلا فقال الجمهور محل ذلك عند وقوع الفتن كما سيأتي بسطه في كتاب الفتن ويؤيد ذلك رواية بعجة بن عبد الله عن أبي هريرة مرفوعا يأتي على الناس زمان يكون خير الناس فيه منزلة من أخذ بعنان فرسه في سبيل الله يطلب الموت في مظانه ورجل في شعب من هذه الشعاب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويدع الناس الا من خير أخرجه مسلم وابن حبان من طريق أسامة بن زيد الليثي عن بعجة وهو بموحدة وجيم مفتوحتين بينهما مهملة ساكنة قال ابن عبد البر انما أوردت هذه الأحاديث بذكر الشعب والجبل لا ذلك في الأغلب يكون خاليا من الناس فكل موضع يبعد على الناس فهو داخل في هذا المعنى (قوله مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله) فيه إشارة إلى اعتبار الاخلاص وسيأتي بيانه في حديث أبي موسى بعد اثنى عشر بابا (قوله كمثل الصائم القائم) ولمسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا وصيام زاد النسائي من هذا الوجه الخاشع الراكع الساجد وفي الموطأ وابن حبان كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع ولأحمد والبزار من حديث النعمان بن بشير مرفوعا مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم نهاره القائم ليله وشبه حال الصائم القائم بحال المجاهد في سبيل الله في نيل الثواب في كل حركة وسكون لان المراد من الصائم القائم من لا يفتر ساعة عن العبادة فأجره مستمر وكذلك المجاهد لا تضيع ساعة مساعاته بغير ثواب لما تقدم من حديث ان المجاهد لتستن فرسه فيكتب له حسنات وأصرح منه قوله تعالى ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب الآيتين (قوله وتوكل الله الخ) تقدم معناه مفردا في كتاب الايمان من طريق أبي زرعة عن أبي هريرة وسياقه أتم ولفظه انتدب الله ولمسلم من هذا الوجه بلفظ تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه الا ايمان بي وفيه التفات لان فيه انتقالا من ضمير الحضور إلى ضمير الغيبة وقال ابن مالك فيه حذف القول والاكتفاء بالمقول وهو سائغ شائع سواء كان حالا أو غير حال فمن الحال قوله تعالى ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت أي قائلين ربنا وهذا مثله أي قائلا لا يخرجه الخ وقد اختلفت الطرق عن أبي هريرة في سياقه فرواه مسلم من طريق الأعرج عنه بلفظ تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا جهاد في سبيله وتصديق كلمته وسيأتي كذلك من طريق أبي الزناد في كتاب الخمس وكذلك أخرجه مالك في الموطأ عن أبي الزناد في كتاب الخمس وأخرجه الدارمي من وجه آخر عن أبي الزناد بلفظ لا يخرجه الا الجهاد في سبيل الله وتصديق كلماته نعم أخرجه أحمد والنسائي من حديث ابن عمر فوقع في روايته التصريح بأنه من الأحاديث الإلهية ولفظه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يحكى عن ربه قال أيما عبد من عبادي خرج مجاهدا في سبيلي
(٥)