الآيتين جميعا وعند أبي ذر إلى قوله وعدا عليه حقا ثم قال إلى قوله والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين والمراد بالمبايعة في الآية ما وقع في ليلة العقبة من الأنصار أو أعم من ذلك وقد ورد ما يدل على الاحتمال الأول عند أحمد عن جابر وعند الحاكم في الإكليل عن كعب بن مالك وفي مرسل محمد بن كعب قال عبد الله بن رواحة يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم قالوا فما لنا إذا فعلنا ذلك قال الجنة قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل فنزل ان الله اشترى الآية (قوله قال بن عباس الحدود الطاعة) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه في قوله تلك حدود الله يعني طاعة الله وكأنه تفسير باللازم لان من أطاع وقف عند امتثال أمره واجتناب نهيه ثم ذكر المصنف في الباب أربعة أحاديث الأول حديث ابن مسعود أي العمل أفضل وقد تقدم الكلام عليه في المواقيت وأغرب الداودي فقال في شرح هذا الحديث أن أوقع الصلاة في ميقاتها كان الجهاد مقدما على بر الوالدين وان أخرها كان البر مقدما على الجهاد ولا أعرف له في ذلك مستندا فالذي يظهر أن تقديم الصلاة على الجهاد والبر لكونها لازمة للمكلف في كل أحيانه وتقديم البر على الجهاد لتوقفه على اذن الأبوين وقال الطبري انما خص صلى الله عليه وسلم هذه الثلاثة بالذكر لأنها عنوان على ما سواها من الطاعات فان من ضيع الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها من غير عذر مع خفة مؤنتها عليه وعظيم فضلها فهو لما سواها أضيع ومن لم يبر والديه مع وفور حقهما عليه كان لغيرهما أقل برا ومن ترك جهاد الكفار مع شدة عداوتهم للدين كان لجهاد غيرهم من الفساق أترك فظهر أن الثلاثة تجتمع في أن من حافظ عليها كان لما سواها أحفظ ومن ضيعها كان لما سواها أضيع الثاني حديث بن عباس لا هجرة بعد الفتح وسيأتي شرحه بعد أبواب في باب وجوب النفير الثالث حديث عائشة جهادكن الحج وقد تقدم شرحه في كتاب الحج ووجه دخوله في هذا الباب من تقريره صلى الله عليه وسلم لقولها نرى الجهاد أفضل الأعمال الرابع (قوله حدثنا إسحاق) كذا للأكثر غير منسوب وللأصيلي وابن عساكر حدثنا إسحاق بن منصور وأما أبو علي الجياني فقال لم أره منسوبا لاحد وهو اما ابن راهويه أو ابن منصور (قوله جاء رجل) لم أقف على اسمه (قوله قال لا أجده) هو جواب النبي صلى الله عليه وسلم وقوله قال هل تستطيع كلام مستأنف ولمسلم من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه بلفظ قيل ما يعدل الجهاد قال لا تستطيعونه فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول لا تستطيعونه وقال في الثالثة مثل الجهاد في سبيل الله الحديث وأخرج الطبراني نحو هذا الحديث من حديث سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه وقال في آخره لم يبلغ العشر من عمله وسيأتي بقية الكلام عليه في الباب الذي يليه (قوله قال ومن يستطيع ذلك) في رواية أبي بكر بن أبي شيبة عن سفيان قال لا أستطيع ذلك وهذه فضيلة ظاهرة للمجاهد في سبيل الله تقتضي أن لا يعدل الجهاد شئ من الأعمال وأما ما تقدم في كتاب العيدين من حديث ابن عباس مرفوعا ما العمل في أيام أفضل منه في هذه يعني أيام العشر قالوا ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد فيحتمل أن يكون عموم حديث الباب خص بما دل عليه حديث ابن عباس ويحتمل أن يكون الفضل الذي في حديث الباب مخصوصا بمن خرج قاصدا المخاطرة بنفسه وماله فأصيب كما في بقية
(٣)