ما كنت أعقل مني فيهن ولا أحب أن أعي ما يقول منها (قوله وهو هذا البارز وقال سفيان مرة وهم أهل البارز) وقع ضبط الأولى بفتح الراء بعدها زاي وفي الثانية بتقديم الزاي على الراء والمعروف الأول ووقع عند ابن السكن وعبدوس بكسر الزاي وتقديمها على الراء وبه جزم الأصيلي وابن السكن ومنهم من ضبطه بكسر الراء قال القابسي معناه البارزين لقتال أهل الاسلام أي الظاهرين في براز من الأرض كما جاء في وصف علي أنه بارز وظاهر ويقال معناه ان القوم الذين يقاتلون تقول العرب هذا البارز إذا أشارت إلى شئ ضار وقال ابن كثير قول سفيان المشهور في الرواية تقديم الراء على الزاي وعكسه تصحيف كأنه اشتبه على الراوي من البارز وهو السوق بلغتهم وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق مروان بن معاوية وغيره عن إسماعيل وقال فيه أيضا وهم هذا البارز وأخرجه أبو نعيم من طريق إبراهيم بن بشار عن سفيان وقال في آخره قال أبو هريرة وهم هذا البارز يعني الأكراد وقال غيره البارز الديلم لان كلا منهما يسكنون في براز من الأرض أو الجبال وهي بارزة عن وجه الأرض وقيل هي أرض فارس لان منهم من يجعل الفاء موحدة والزاي سينا وقيل غير ذلك وقال ابن الأثير ذكره أبو موسى في الباء والزاي وقيل البارز ناحية قريبة من كرمان بها جبال فيها أكراد فكأنهم سموا باسم بلادهم أو هو على حذف أهل والذي في البخاري بتقديم الراء على الزاي وهم أهل فارس فكأنه أبدل السين زايا أي والفاء باء وقد ظهر مصادق هذا الخبر وقد كان مشهورا في زمن الصحابة حديث اتركوا الترك ما تركوكم فروى الطبراني من حديث معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله وروى أبو يعلى من وجه آخر عن معاوية بن خديج قال كنت عند معاوية فأتاه كتاب عامله أنه وقع بالترك وهزمهم فغضب معاوية من ذلك ثم كتب إليه لا تقاتلهم حتى يأتيك أمري فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الترك تجلي العرب حتى تلحقها بمنابت الشيخ قال فانا أكره قتالهم لذلك وقال المسلمون الترك في خلافة بني أمية وكان ما بينهم وبين المسلمين مسدودا إلى أن فتح ذلك شيئا بعد شئ وكثر السبي منهم وتنافس الملوك فيهم لما فيهم من الشدة والبأس حتى كان أكثر عسكر المعتصم منهم ثم غلب الأتراك على الملك فقتلوا ابنه المتوكل ثم أولاده واحدا بعد واحد إلى أن خالط المملكة الديلم ثم كان الملوك السامانية من الترك أيضا فملكوا بلاد العجم ثم غلب على تلك الممالك آل سبكتكين ثم آل سلجوق وامتدت مملكتهم إلى العراق والشام والروم ثم كان بقايا اتباعهم بالشام وهم آل زنكي وأتباع هؤلاء وهم بيت أيوب واستكثر هؤلاء أيضا من الترك فغلبوهم على المملكة بالديار المصرية الشامية والحجازية وخرج على آل سلجون في المائة الخامسة الغز فخربوا البلاد وفتكوا في العباد ثم جاءت الطامة الكبرى بالططر فكان خروج جنكزخان بعد الستمائة فأسعرت بهم الدنيا نارا خصوصا المشرق باسره حتى لم يبق بلد منه حتى دخله شرهم ثم كان خراب بغداد وقتل الخليفة المستعصم آخر خلفائهم على أيديهم في سنة ست وخمسين وستمائة ثم لم تزل بقاياهم يخربون إلى إن كان آخرهم اللنك ومعناه الأعرج واسمه تمر بفتح المثناة وضم الميم وربما أشبعت فطرق الديار الشامية وعاث فيها وحرق دمشق حتى صارت خاوية على عروشها ودخل الروم والهند وما بين ذلك وطالت مدته إلى أن أخذه الله وتفرق بنوه البلاد وظهر بجميع ما أوردته مصداق قوله صلى الله عليه وسلم ان بني قنطورا أول من سلب
(٤٤٩)