(قوله أي مسجد وضع أول) تقدم التنبيه عليه في أثناء قصة إبراهيم عليه السلام وقوله أدركتك الصلاة أي وقت الصلاة وفيه إشارة إلى المحافظة على الصلاة في أول وقتها ويتضمن ذلك الندب إلى معرفة الأوقات وفيه إشارة إلى أن المكان الأفضل للعبادة إذا لم يحصل لا يترك المأمور به لفواته بل يفعل المأمور في المفضول لأنه صلى الله عليه وسلم كأنه فهم عن أبي ذر من تخصيصه السؤال عن أول مسجد وضع أنه يريد تخصيص صلاته فيه فنبه على أن ايقاع الصلاة إذا حضرت لا يتوقف على المكان الأفضل وفيه فضيلة الأمة المحمدية لما ذكر أن الأمم قبلهم كانوا لا يصلون الا في مكان مخصوص وقد تقدم التنبيه عليه في كتاب التيمم وفيه الزيادة على السؤال في الجواب لا سيما إذا كان للسائل في ذلك مزيد فائدة * الحديث الرابع (قوله في الاسناد عن عبد الرحمن) هو الأعرج وهو كذلك في نسخة شعيب عن أبي الزناد عند الطبراني (قوله إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فجعل الفراش وهذه الدواب تقع في النار وقال كانت امرأتان معهما ابناهما) هكذا أورده ومراده الحديث الثاني فإنه هو الذي يدخل في ترجمة سليمان وكأنه ذكر ما قبله وهو طرف من حديث طويل لكونه سمع نسخة شعيب عن أبي الزناد وهذا الحديث مقدم على الآخر وسمع الاسناد في السابق دون الذي يليه فاحتاج أن يذكر شيئا من لفظ الحديث الأول لأجل الاسناد وقد تقدم في الطهارة للمصنف مثل هذا الصنيع فذكر من هذه النسخة بعينها حديث لا يبولن أحدكم في الماء الدائم وذكر قبله طرفا من حديث نحن الآخرون السابقون ولما ذكر في الجمعة حديث نحن الآخرون السابقون لم يضم معه شيئا وذكر في الجهاد حديث من أطاعني فقد أطاع الله الحديث فقال قبله نحن الآخرون السابقون أيضا وذكر في الديات حديث لو اطلع عليك رجل وقدم ذلك قبله أيضا لكنه أورد حديث المرأتين وفي الفرائض ولم يضم معه في أوله شيئا من الحديث الآخر وكذا في بقية هذه النسخة فلم يطرد للمصنف في ذلك عمل وكأنه حيث ضم إليه شيئا أراد الاحتياط وحيث لم يضم نبه على الجواز والله أعلم وأما مسلم فإنه في نسخة همام عن أبي هريرة ينبه على أنه لم يسمع الاسناد في كل حديث منها فإنه يسوق الاسناد إلى أبي هريرة ثم يقول فذكر أحاديث منها كذا وكذا وصنيعه في ذلك حسن جدا والله أعلم * (تنبيه) * لم أر الحديث الأول تاما في صحيح البخاري وقد أورده الحميدي في الجمع من طريق شعيب هذه وساق المتن بتمامه وقال إنه لفظ البخاري وان مسلما أخرجه من رواية مغيرة وسفيان عن أبي الزناد به ومن طريق همام عن أبي هريرة وكذلك أطلق المزي ان البخاري أخرجه في أحاديث الأنبياء فإن كان عني هذا الموضع فليس هو فيه بتمامه وإن كان عنى موضعا آخر فلم أره فيه ثم وجدته في باب الانتهاء عن المعاصي من كتاب الرقاق ويأتي شرحه هناك إن شاء الله تعالى (قوله مثلي) أي في دعائي الناس إلى الاسلام المنقذ لهم من النار ومثل ما تزين لهم أنفسهم من التمادي على الباطل كمثل رجل الخ والمراد تمثيل الجملة بالجملة لا تمثيل فرد بفرد (قوله استوقد) أي أوقد وزيادة السين والتاء للإشارة إلى أنه عالج ايقادها وسعي في تحصيل آلاتها ووقع في حديث جابر عند مسلم مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا زاد أحمد ومسلم من رواية همام عن أبي هريرة فلما أضاءت ما حوله (قوله فجعل الفراش) بفتح الفاء والشين المعجمة معروف ويطلق الفراش أيضا على غوغاء الجراد الذي يكثر ويتراكم وقال في المحكم الفراش
(٣٣٣)