فليس بكاف في هذا المقام وذلك أن مفهوم العدد معتبر عند كثيرين والله أعلم وقد حكى وهب ابن منبه في المبتدا انه كان لسليمان ألف امرأة ثلثمائة مهيرة وسبعمائة سرية ونحوه مما أخرج الحاكم في المستدرك من طريق أبي معشر عن محمد بن كعب قال بلغنا انه كان لسليمان ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلاثمائة صريحة وسبعمائة سرية (قوله تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله) هذا قاله على سبيل التمني للخير وانما جزم به لأنه غلب عليه الرجا لكونه قصد به الخير وأمر الآخرة لا لغرض الدنيا قال بعض السلف نبه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على آفة التمني والاعراض عن التفويض قال ولذلك نسي الاستثناء ليمضي فيه القدر (قوله فقال له صاحبه إن شاء الله) في رواية معمر عن طاوس الآتية فقال له الملك وفي رواية هشام بن حجير فقال له صاحبه قال سفيان يعني الملك وفي هذا اشعار بان تفسير صاحبه بالملك ليس بمرفوع ولكن في مسند الحميدي عن سفيان فقال له صاحبه أو الملك بالشك ومثلها لمسلم وفي الجملة ففيه رد على من فسر صاحبه بأنه الذي عنده علم من الكتاب وهو آصف بالمد وكسر المهملة بعدها فاء ابن برخيا بفتح الموحدة وسكون الراء وكسر الراء وكسر المعجمة بعدها تحتانية وقال القرطبي في قوله فقال له صاحبه أو الملك إن كان صاحبه فيعني به وزيره من الإنس والجن وإن كان الملك فهو الذي كان يأتيه بالوحي قال وقد أبعد من قال المراد به خاطره وقال النووي قيل المراد بصاحبه الملك وهو الظاهر من لفظه وقيل القرين وقيل صاحب له آدمي (قلت) ليس بين قوله صاحبه والملك منافاة الا أن لفظة صاحبه أعم فمن ثم نشأ لهم الاحتمال ولكن الشك لا يؤثر في الجزم فمن جزم بأنه الملك حجة على من لم يجزم (قوله فلم يقل) قال عياض بين في الطريق الأخرى بقوله فنسي (قلت) هي رواية ابن عيينة عن شيخه وفي رواية معمر قال ونسي أن يقول إن شاء الله ومعنى قوله فلم يقل أي بلسانه لا انه أبي ان يفوض إلى الله بل كان ذلك ثابتا في قلبه لكنه اكتفى بذلك أولا ونسي ان يجريه على لسانه لما قيل له لشئ عرض له (قوله فطاف بهن) (1) في رواية ابن عيينة فأطاف بهن وقد تقدم توجيهه (قوله الا واحدا ساقطا أحد شقيه) في رواية شعيب فلم يحمل منهن الا امرأة واحدة جاءت بشق رجل وفي رواية أيوب عن ابن سيرين ولدت شق غلام وفي رواية هشام عنه نصف انسان وهي رواية معمر حكى النقاش في تفسيره ان الشق المذكور هو الجسد الذي ألقي على كرسيه وقد تقدم قول غير واحد من المفسرين ان المراد بالجسد المذكور شيطان وهو المعتمد والنقاش صاحب مناكير (قوله لو قالها لجاهدوا في سبيل الله) في رواية شعيب لو قال إن شاء الله وزاد في آخره فرسانا أجمعون وفي رواية ابن سيرين لو استثنى لحملت كل امرأة منهن فولدت فارسا يقاتل في سبيل الله وفى رواية طاوس لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته كذا عند المصنف من رواية هشام بن حجير وعند أحمد ومسلم مثله من رواية معمر وعند المصنف من طريق معمر وكان أرجى لحاجته وقوله دركا بفتحتين من الادراك وهو كقوله تعالى لا تخاف دركا أي لحاقا والمراد انه كان يحصل له ما طلب ولا يلزم من اخباره صلى الله عليه وسلم بذلك في حق سليمان في هذه القصة ان يقع ذلك لكل من استثنى في أمنيته بل في الاستثناء رجو الوقوع وفي ترك الاستثناء خشية عدم الوقوع وبهذا يجاب عن قول موسى للخضر ستجدني إن شاء الله صابرا مع قول الخضر له آخرا ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا وفي الحديث فضل فعل الخير وتعاطي
(٣٣١)