إلى الخلاف في المسئلة وهو شهير والى ما تضمنته الترجمة ذهب الجمهور وهو ان القاتل يستحق السلب سواء قال أمير الجيش قبل ذلك من قتل قتيلا فله سلبه أو لم يقل ذلك وهو ظاهر حديث أبي قتادة ثاني حديثي الباب وقال إنه فتوى من النبي صلى الله عليه وسلم واخبار عن الحكم الشرعي وعن المالكية والحنفية لا يستحقه القاتل الا ان شرط له الامام ذلك وعن مالك يخير الامام بين أن يعطي القاتل السلب أو يخمسه واختاره إسماعيل القاضي وعن إسحاق إذا كثرت الأسلاب خمست وعن مكحول والثوري بخمس مطلقا وقد حكى عن الشافعي أيضا وتمسكوا بعموم قوله واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه ولم يستثن شيئا واحتج الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا فله سلبه فإنه خصص ذلك العموم وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل من قتل قتيلا فله سلبه الا يوم حنين قال مالك لم يبلغني ذلك في غير حنين وأجاب الشافعي وغيره بان ذلك حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة مواطن منها يوم بدر كما في أول حديثي الباب ومنها حديث حاطب ابن أبي بلتعة انه قتل رجلا يوم أحد فسلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه أخرجه البيهقي ومنها حديث جابر أن عقيل بن أبي طالب قتل يوم مؤتة رجلا فنفله النبي صلى الله عليه وسلم درعه ثم كان ذلك مقررا عند الصحابة كما روى مسلم من حديث عوف بن مالك في قصته مع خالد ابن الوليد وانكاره عليه أخذه السلب من القاتل الحديث بطوله وكما روى الحاكم والبيهقي باسناد صحيح عن سعد بن أبي وقاص ان عبد الله بن جحش قال يوم أحد تعال بنا ندعو فدعا سعد فقال اللهم ارزقني رجلا شديدا بأسه فأقاتله ويقاتلني ثم ارزقني عليه الظفر حتى أقتله وآخذ سلبه الحديث وكما روى أحمد باسناد قوي عن عبد الله بن الزبير قال كانت صفية في حصن حسان بن ثابت يوم الخندق فذكر الحديث في قصة قتلها اليهودي وقولها لحسان انزل فاسلبه فقال مالي بسلبه حاجة وكما روى ابن إسحاق في المغازي في قصة قتل علي بن أبي طالب عمرو بن عبد ود يوم الخندق أيضا فقال له عمر هلا استلبت درعه فإنه ليس للعرب خير منها فقال إنه اتقاني بسوأته وأيضا فالنبي صلى الله عليه وسلم انما قال ذلك يوم حنين بعد أن فرغ القتال كما هو صريح في ثاني حديثي الباب حتى قال مالك يكره للامام أن يقول من قتل قتيلا فله سلبه لئلا تضعف نيات المجاهدين ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الا بعد انقضاء الحرب وعن الحنفية لا كراهة في ذلك وإذا قاله قبل الحرب أو في أثنائها استحق القاتل ثم أخرج المصنف فيه حديثين * أحدهما حديث عبد الرحمن بن عوف في قصة قتل أبي جهل والغرض منه هنا قوله في آخره كلاكما قتله سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح فقد احتج به من قال إن اعطاء القاتل السلب مفوض إلى رأي الامام وقرره الطحاوي وغيره بأنه لو كان يجب للقاتل لكان السلب مستحقا بالقتل ولكان جعله بينهما لاشتراكهما في قتله فلما خص به أحدهما دل على أنه لا يستحق بالقتل وانما يستحق بتعيين الامام وأجاب الجمهور بان في السياق دلالة على أن السلب يستحقه من أثخن في القتل ولو شاركه غيره في الضرب أو الطعن قال المهلب نظره صلى الله عليه وسلم في السيفين واستلاله لهما هو ليرى ما بلغ الدم من سيفيهما ومقدار عمق دخولهما في جسم المقتول ليحكم بالسلب لمن كان في ذلك أبلغ ولذلك سألهما أولا هل مسحتما سيفيكما أم لا لأنهما لو مسحاهما لما تبين المراد من ذلك وانما قال كلا كما قتله وإن كان أحدهما هو الذي أثخنه ليطيب نفس الآخر وقال الإسماعيلي أقول
(١٧٦)