من وراءهم من الأقطار وقيل لان الأربع هي الغاية في الآحاد بحسب ما يمكن أن يتركب منه العشرات لان فيها واحدا واثنين وثلاثة وأربعة ومجموع ذلك عشرة واختار الموسم لأنه مجمع الناس من الآفاق وفيه جواز التربص بوفاء الدين إذا لم تكن التركة نقدا ولم يختر صاحب الدين الا النقد وفيه جواز الوصية للأحفاد إذا كان من يحجبهم من الآباء موجودا وفيه ان الاستدانة لا تكره لمن كان قادرا على الوفاء وفيه جواز شراء الوارث من التركة وان الهبة لا تملك الا بالقبض وان ذلك لا يخرج المال عن ملك الأول لان ابن جعفر عرض علي ابن الزبير أن يحللهم من دينه الذي كان على الزبير فامتنع ابن الزبير وفيه بيان جود ابن جعفر لسماحته بهذا المال العظيم وان من عرض على شخص أن يهبه شيئا فامتنع ان الواهب لا يعد راجعا في هبته وأما امتناع ابن الزبير فهو محمول على أن بقية الورثة وافقوه على ذلك وعلم أن غير البالغين ينفذون له ذلك إذا بلغوا وأجاب ابن بطال بان هذا ليس من الامر المحكوم به عند التشاح وانما يؤمر به في شرف النفوس ومحاسن الأخلاق اه والذي يظهر أن ابن الزبير تحمل بالدين كله على ذمته والتزم وفاءه ورضي الباقون بذلك كما تقدمت الإشارة إليه قريبا لانهم لو لم يرضوا لم يفدهم ترك بعض أصحاب الدين دينه لنقص الموجود في تلك الحالة عن الوفاء لظهور قلته وعظم كثرة الدين وفيه مبالغة الزبير في الاحسان لأصدقائه لأنه رضي أن يحفظ لهم ودائعهم في غيبتهم ويقوم بوصاياهم على أولادهم بعد موتهم ولم يكتف بذلك حتى احتاط لأموالهم وديعة أو وصية بان كان يتوصل إلى تصييرها في ذمته مع عدم احتياجه إليها غالبا وانما ينقلها من اليد للذمة مبالغة في حفظها لهم وفي قول ابن بطال المتقدم كان يفعل ذلك ليطيب له ربح ذلك المال نظر لأنه يتوقف على ثبوت أنه كان يتصرف فيه بالتجارة وان كثرة ماله انما زادت بالتجارة والذي يظهر خلاف ذلك لأنه لو كان كذلك لكان الذي خلفه حال موته يفي بالدين ويزيد عليه والواقع أنه كان دون الديون بكثير الا أن الله تعالى بارك فيه بان ألقى في قلب من أراد شراء العقار الذي خلفه الرغبة في شرائه حتى زاد على قيمته اضعافا مضاعفة ثم سرت تلك البركة إلى عبد الله بن جعفر لما ظهر منه في هذه القصة من مكارم الأخلاق حتى ربح في نصيبه من الأرض ما أربحه معاوية وفيه أن لا كراهة في الاستكثار من الزوجات والخدم وقال ابن الجوزي فيه رد على من كره جمع الأموال الكثيرة من جهلة المتزهدين وتعقب بان هذا الكلام لا يناسب مقامه من حيث كونه لهجا بالوعظ فان من شان الواعظ التحريض على الزهد في الدنيا والتقلل منها وكون مثل هذا لا يكره للزبير وأنظاره لا يطرد وفيه بركة العقار والأرض لما فيه من النفع العاجل والآجل بغير كثير تعب ولا دخول في مكروه كاللغو الواقع في البيع والشراء وفيه اطلاق اللفظ المشترك لمن يظن به معرفة المراد والاستفهام لمن لم يتبين له لان الزبير قال لابنه استعن عليه مولاي والمولى لفظ مشترك فجوز ابن الزبير أن يكون أراد بعض عتقائه مثلا فاستفهمه فعرف حينئذ مراده وفيه منزلة الزبير عند نفسه وأنه في تلك الحالة كان في غاية الوثوق بالله والاقبال عليه والرضا بحكمه والاستعانة به ودل ذلك على أنه كان في نفسه محقا مصيبا في القتال ولذلك قال إن أكبر همه دينه ولو كان يعتقد أنه غير مصيب أو أنه آثم باجتهاده ذلك لكان اهتمامه بما هو فيه من أمر القتال أشد ويحتمل أن يكون اعتمد على أن المجتهد يؤجر على اجتهاده ولو أخطأ وفيه شدة
(١٦٦)