رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان من خيار أصحابه [عنده] أبو ذر الغفاري، فجاءه ذات يوم فقال: يا رسول الله! إن لي غنيمات قدر ستين شاة، أكره أن أبدو فيها، وأفارق حضرتك وخدمتك، وأكره أن أكلها إلى راع فيظلمها ويسئ رعايتها فكيف أصنع؟
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أبد فيها.
[فبدا فيها] فلما كان في اليوم السابع جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا أبا ذر!
فقال: لبيك يا رسول الله!
قال: ما فعلت غنيماتك؟
فقال: يا رسول الله! إن لها قصة عجيبة. [ف] قال: وما هي؟
قال: يا رسول الله! بينا أنا في صلاتي إذ عدا الذئب على غنمي، فقلت يا رب صلاتي، يا رب غنمي، فآثرت صلاتي على غنمي.
فأخطر الشيطان ببالي: يا أبا ذر! أين أنت إن عدت الذئاب على غنمك وأنت تصلي فأهلكتها كلها، ما يبقى لك في الدنيا ما تتعيش به؟
فقلت للشيطان: يبقى لي توحيد الله تعالى، والايمان بمحمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وموالاة أخيه سيد الخلق بعده علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وموالاة الأئمة الهادين الطاهرين من ولده، ومعاداة أعدائهم، وكلما فات من الدنيا بعد ذلك جلل.
فأقبلت على صلاتي، فجاء ذئب، فأخذ حملا وذهب به وأنا أحس به، إذا أقبل على الذئب أسد فقطعه نصفين، واستنقذ الحمل ورده إلى القطيع، ثم ناداني: يا أبا ذر! أقبل على صلاتك، فإن الله تعالى قد وكلني بغنمك إلى أن تصلي.