ثم سر إلى ابن الرضا، وأبلغه عني السلام واحمل إليه عشرين ألف دينار، وقدم إليه الشهري (1) الذي ركبته البارحة، ثم مر بعد ذلك الهاشميين أن يدخلوا عليه بالسلام، ويسلموا عليه.
قال ياسر: فأمرت لهم بذلك، ودخلت أنا أيضا معهم، وسلمت عليه، وأبلغت التسليم، ووضعت المال بين يديه، وعرضت الشهري عليه، فنظر إليه ساعة.
ثم تبسم فقال: يا ياسر! هكذا كان العهد بيننا، وبينه حتى يهجم علي بالسيف، أما علم أن لي ناصرا وحاجزا يحجز بيني وبينه؟
فقلت: يا سيدي! يا ابن رسول الله! دع عنك هذا العتاب، واصفح، والله!
وحق جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! ما كان يعقل شيئا من أمره، وما علم أين هو من أرض الله؟
وقد نذر الله نذرا صادقا، وحلف أن لا يسكر بعد ذلك أبدا، فإن ذلك من حبائل الشيطان، فإذا أنت يا ابن رسول الله أتيته فلا تذكر له شيئا، ولا تعاتبه على ما كان منه.
فقال (عليه السلام): هكذا كان عزمي ورأيي، والله!
ثم دعا بثيابه، ولبس ونهض، وقام معه الناس أجمعون حتى دخل على المأمون. فلما رآه قام إليه وضمه إلى صدره، ورحب به، ولم يأذن لأحد في الدخول عليه، ولم يزل يحدثه ويستأمره.
فلما انقضى ذلك، قال أبو جعفر محمد بن علي الرضا (عليهما السلام):
يا أمير المؤمنين!
قال: لبيك وسعديك!