ولكن الذي يبعده أن هؤلاء الذين نقلوا الكتاب إلى كسرى بيد عظيم البحرين سموه إبرويز بن هرمز واتفقوا على أن كسرى مزق الكتاب إلا ما يظهر من اليعقوبي كما يأتي، وتمزيق الكتاب لا يناسب لين ابنه على ما نقلوا.
كما أن احتمال أن يكون كتب (صلى الله عليه وآله) إليه مرتين بعيد أيضا، لما نقل أن ابنه قتله، والرسل الذين أرسلهم باذان في المدينة، ولم يبق بعد تمزيق الكتاب مدة يحتمل أن يكتب إليه ثانيا.
وعلى كل حال، فلما وصل الرسول إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبره الخبر قال (صلى الله عليه وآله):
مزق كسرى ملكه، وقيل: دعا عليهم أن يمزقوا كل ممزق وقال: " اللهم مزق ملكه " (1).
ونقل اليعقوبي: " وكتب إليه كسرى كتابا جعله بين سرقتي حرير، وجعل فيهما مسكا، فلما دفعه الرسول إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فتحه، فأخذ قبضة من المسك فشمه وناوله أصحابه وقال: لا حاجة لنا في هذا الحرير ليس من لباسنا، وقال: لتدخلن أمري أو لآتينك بنفسي ومن معي، وأمر الله أسرع من ذلك، فأما كتابك فأنا أعلم به منك فيه كذا وكذا ولم يفتحه ولم يقرأه، ورجع الرسول إلى كسرى فأخبره الخبر ".
ظاهره أن كسرى لم يمزق الكتاب، وأن كسرى كتب إليه (صلى الله عليه وآله)، وأنه أرسل إليه (صلى الله عليه وآله) هدية (2).