(كما يدعيه أتباع مدرسة الخليفة ويروونه عن النبي (صلى الله عليه وآله)) وهل يجوز نسخ الحكم بعد النبي (صلى الله عليه وآله)؟ وهل دليل الجواز صدر بعد أن كثر المسلمون في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) مع أن التحريم والتشديد كان في زمن الخليفة الثاني؟ (1).
وأما التعليل بخوف انكباب الناس على الحديث وترك كتاب الله تعالى ففيه:
أولا: أن المنع عن الكتابة لا يرفع هذا الخوف، لأن الناس ينكبون على سماع الحديث ونقله على ما كانوا عليه من الحرص على الوقوف على كلمات الرسول (صلى الله عليه وآله) وأوامره ونواهيه وأفعاله وسيرته، بل الذي يرفع الخوف هو المنع عن الحديث أجمع كما فعله الخليفة، حيث نهى عن الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد تحريم الكتابة كما سيأتي.
ثانيا: فهل المسلمون بعد أن كتبوا أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمر الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز بعد مضي قرن تقريبا تركوا كتاب الله وهجروه؟ حتى يكون شاهدا لهذه الدعوى المزعومة أو لم يكن هناك ترك ولا هجر كما هو الحق؟
ثالثا: إذا أراد مسلم أن يقف على معاني القرآن الكريم وتفسيره وتأويله ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه سيما في الأحكام الشرعية، هل هو مستغن عن السنة يعني بيان النبي (صلى الله عليه وآله)؟ وهل السنة إلا تفسير القرآن الكريم؟ فعندئذ هل الإكباب على أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) في تفسير القرآن وبيان أحكام الدين أصولا وفروعا ترك لكتاب الله تعالى؟ أو هو إكباب على القرآن وفهم معانيه وتفاصيله وتدبر في القرآن وعلومه وامتثال لقوله تعالى: * (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) * (2) وقوله تعالى * (كتاب أنزلناه إليك ليدبروا آياته) * (3).