بالبلاغة، وذوق بالبيان، ومن ثم كانت تؤثر على هذه الصفة، وإذا كتبها الصحابة بعد انتقاله صلى الله عليه وآله إلى الرفيق الأعلى ووزعوا منها نسخا على الأمصار كما فعلوا بالقرآن، فيكون ذلك على أنها أحاديث ويتلقاها المسلمون على أنها كلام النبي (صلى الله عليه وآله)، وتظل على ذلك جيلا بعد جيل، ولا يدخلها الشوب ولا يعتريها التغيير ولا ينالها الوضع " (1).
وإذا كتبت السنة في صحيفة غير صحيفة القرآن ممتازا ومشخصا كما ذكر لا يتطرق إليها الالتباس والاختلاط بالقرآن أصلا (2).
وحينئذ نقول: صار الحديث حينما أمر الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز بكتابة السنة، فكتبها العلماء بعد أن مضى قرن تقريبا على تحريم كتابة الحديث صار قرآنا مضاهيا للقرآن الكريم؟ أوصار الحديث مختلطا بكتاب الله وملبسا؟ أو ترقت عقلية المسلمين بأن عرفوا القرآن وإعجازه في أسلوبه ونظمه وفصاحته وبلاغته بمرتبة أعلى وأرقى من معرفة الصحابة كما قالوا: " فلما كثر المسلمون وعرفوا القرآن معرفة رافعة للجهالة... زال الخوف وجاز تدوين الحديث ".
أي ميز حصل من الكثرة؟ وأي معرفة رافعة للجهالة حصلت بعد قرن؟
وبعد أن ابتعدوا عن المراتب الراقية للفصاحة والبلاغة وفقدوا ما عندهم من الحذاقة والدراية في ذلك بسبب اختلاطهم مع أفناء الناس من الأحمر والأسود والأبيض من الأمم غير العرب الباعث بطبيعة الحال على الابتعاد من العروبة والتأثر باللغات المختلفة والأساليب الكثيرة المتنوعة المبعدة عن صريح العربية؟
ومن الذي رفع حكم الحرمة ونسخه إن كانت الكتابة حراما واقعا وشرعا