وفي لفظ: " روى أبو نضرة عن عمران بن حصين: أن رجلا أتاه فسأله عن شئ فحدثه فقال الرجل: حدثوا عن كتاب الله عز وجل ولا تحدثوا عن غيره فقال: إنك امرؤ أحمق!! أتجد في كتاب الله صلاة الظهر أربعا لا يجهر فيها؟ وعد الصلوات وعد الزكاة ونحوها ثم قال: أتجد هذا مفسرا في كتاب الله؟ كتاب الله قد أحكم ذلك والسنة تفسر ذلك " (1).
وقال رجل للتابعي الجليل مطرف بن عبد الله بن الشخير: " لا تحدثونا إلا بالقرآن فقال له مطرف: والله لا نريد بالقرآن بدلا، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا " (2) وعن أيوب السختياني أنه قال: " إذا حدثت الرجل بالسنة فقال: دعنا من هذا وحدثنا من القرآن فاعلم أنه ضال " (3).
وبالجملة فهل يعقل أن يكون الإقبال على الأحاديث الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) تركا لكتاب الله تعالى؟ كلا، والشاهد على ذلك أن بعد تدوين الحديث وكتابته وانكباب الناس عليها لم يكن ذلك تركا لكتاب الله تعالى، بل لولا السنة كان الكتاب مجملا، إذ لا نقرأ آية منه إلا وفي المراد منها خلاف بين قولين أو أقوال لا نتيقن تأويلها كما قال علي (عليه السلام) لابن عباس حينما أرسله إلى الخوارج: " لا تخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمال ذو وجوه تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنة، فإنهم لن يجدوا عنها محيصا " (4).