بالسن ذربة بما قام فيها من قدرته وحكمته وبين عندهم بها لتهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وأن الله لسميع عليم بصير شاهد خبير.
ثم إن الله عز وجل جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين ولا يقوم أحدهما إلا بصاحبه، ليكمل عندكم جميل صنعه ويقفكم على طريق رشده ويقفوا بكم آثار المستضيئين بنور هدايته، ويشملكم منهاج قصده ويوفر عليكم هنيئ رفده فجعل الجمعة مجمعا ندب إليه لتطهير ما كان قبله، وغسل ما أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله وذكرى للمؤمنين، وتبيان خشية المتقين.
ووهب من ثواب الأعمال فيه أضعاف ما وهب لأهل طاعته في الأيام قبله وجعله لا يتم إلا بالا يتمار لما أمر به والانتهاء عما نهى عنه، والبخوع بطاعته فيما حث عليه وندب إليه فلا يقبل توحيده إلا بالاعتراف لنبيه صلى الله عليه وآله بنبوته، ولا يقبل دينا إلا بولاية من أمر بولايته ولا تنتظم أسباب طاعته إلا بالتمسك بعصمته، وعصم أهل ولايته.
فأنزل على نبيه صلى الله عليه وآله في يوم الدوح ما بين به عن إرادته في خلصائه وذوي اجتبائه وأمره بالبلاغ وترك الحفل باهل الزيغ والنفاق وضمن له عصمته منهم، وكشف من خبايا أهل الريب وضماير أهل الارتداد ما رمز فيه فعقله المؤمن والمنافق فاعن معن وثبت على الحق ثابت، وازدادت جهلة المنافق وحمية المارق ووقع العض على النواجد والغمز على السواعد، ونطق ناطق ونعق ناعق، ونشق ناشق، واستمر على ما رقيته مارق ووقع الاذعان من طائفة باللسان دون حقائق الايمان، ومن طايفة باللسان وصدق الايمان.
وأكمل الله دينه وأقر عين نبيه صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين والمتابعين وكان ما شهده بعضكم وبلغ بعضكم وتمت كلمة الله الحسنى على الصابرين ودمر الله ما صنع فرعون وهامان وقارون وجنودهم وما كانوا يعرشون وبقيت حشالة من الضلال لا يألون الناس خبالا يقصدهم الله في ديارهم، ويمحو الله آثارهم ويبيد معالمهم ويعقبهم عن قرب الحشرات ويلحقهم بمن بسط أكفهم ومد أعناقهم ومكنهم من دين الله حتى بدلوه ومن حكمه