شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دمائنا وهتكت فيه حرمتنا وسبي فيه ذرارينا ونسائنا، وأضرمت النيران في مضاربنا وانتهب ما فيها من ثقلنا، ولم يرع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرمة في أمرنا.
إن يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا، وأذل عزيزنا يا أرض كربلا أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم القيمة فليبك الباكون، فان البكاء عليه يحط الذنوب العظام ثم قال: كان أبي صلوات الله عليه إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا وكانت كآبة تغلب عليه حتى يمضى منه عشرة أيام فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول هذا اليوم الذي قتل فيه الحسين صلى الله عليه (1).
31 - عنه قال: ومن المنقول من أمالي محمد بن علي بن بابويه رضوان الله جل جلاله عليه ما رويناه أيضا باسناده إلى الريان بن شبيب قال دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم، فقال لي: يا بن شبيب أصائم أنت؟ فقلت: لا. فقال إن هذا اليوم هو الذي دعا فيه زكريا عليه السلام ربه عز وجل، فقال: رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سمع الدعاء.
فاستجاب الله له وأمر ملائكته فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا، فمن صام هذا اليوم، ثم دعا الله عز وجل استجاب كما استجاب لزكريا عليه السلام، ثم قال: يا بن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته.
فما عرفت هذه الامه حرمة شهرها ولا حرمة نبيها صلوات الله عليه وآله لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نساءه، وانتهبوا ثقله فلا غفر الله ذلك لهم أبدا يا ابن شبيب إن كنت باكيا فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فإنه ذبح كما يذبح الكبش وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الأرض مشبهون.
ولقد بكت السماوات والأرضون لقتله ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لينصروه فوجدوه قد قتل، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم فيكونون