قال: توجر أنت وأوزر أنا، فقلت له: وكيف ذلك؟ فقال: أما سمعت الله عز وجل يقول: " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربك أحدا " وها أنا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة، فأكره أن يشركني فيها أحد (1).
75 - الصدوق - رحمه الله - باسناده عن الفضل بن شاذان قال: فان قال قائل: فلم أمروا بالوضوء وبدء به؟ قيل له: لان يكون العبد طاهرا إذا قام بين يدي الجبار، وعند مناجاته إياه مطيعا له فيما أمره نقيا من الأدناس والنجاسة، مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد النعاس، وتزكية الفؤاد للقيام بين يدي الجبار.
فان قال قائل: فلم وجب ذلك على الوجه واليدين، والرأس، والرجلين؟
قيل: لان العبد إذا قام بين يدي الجبار، فإنما ينكشف عن جوارحه، ويظهر ما وجب فيه الوضوء، وذلك بأنه بوجهه يسجد ويخضع، وبيده يسال ويرغب، ويرهب، ويتبتل، وينسك، وبرأسه ويستقبل في ركوعه وسجوده وبرجليه يقوم ويقعد فان قال قائل: فلم وجب الغسل على الوجه واليدين، وجعل المسح على الرأس والرجلين، ولم يجعل ذلك غسلا كله أو مسحا كله، قيل: لعلل شتى، منها أن العبادة العظمى إنما هي الركوع والسجود، وإنما يكون الركوع والسجود بالوجه واليدين، لا بالرأس والرجلين.
ومنها أن الخلق لا يطيقون في كل وقت غسل الرأس والرجلين، ويشتد ذلك عليهم في البرد والسفر والمرض، وأوقات من الليل والنهار، وغسل الوجه واليدين أخف من غسل الرأس والرجلين، وإذا وضعت الفرائض على قدر أقل الناس طاقة من أهل الصحة، ثم عم فيها القوي والضعيف.
ومنها أن الرأس والرجلين ليس هما في كل وقت بأديان ظاهران كالوجه واليدين لموضع العمامة والخفين وغير ذلك.
فان قال قائل: فلم وجب الوضوء مما خرج من الطرفين خاصة، ومن النوم