مراد المتكلم وظاهر الكلام دل على أنه منكر فادعاؤك عدم قصده يحتاج إلى دليل.
وأما قولك: إنما أخرجها على مقتضى خشونة غريزته، فإن ذلك ليس بعذر يسقط التكليف، لأن كل مكلف فطبعه يقتضي الميل إلى الشهوة والنفور عن الحسن مع أنه مكلف بكسر الشهوة فالواجب عليه حينئذ كسر هذه الغريزية وقطع هذه العادة والإصغاء والاستماع إلى قول النبي - صلى الله عليه وآله - والاتباع له في جميع الأحوال لأنه مكلف بذلك، فبأي دليل ساغ له ترك ما كلف به والتنازع والرد على النبي - صلى الله عليه وآله - والتهجم عليه بالكلام المنكر على مقتضى طبعه، إن ذلك لم يقع منه إلا لعدم علمه بالتكاليف، وشدة سرعة نكرها.
وأما قولك: إن قوله إن نبيكم ليهجر مشتق من هجر مهاجرة معناه أن نبيكم يهاجر، فقول مردود من جهة اللفظ والمعنى، أما من جهة اللفظ فإن الاشتقاق الذي ذكرته لم يقل به أحد، ولما وصلت في اعتراضي عليه إلى هذا الموضع أنكر عليه ذلك الملا المدرس؟
وقال: هذه اللفظة ليست من هذا الاشتقاق بل هو من هجر يهجر هجرا لا مهاجرة فإن ذلك على غير القياس، وإذا كان معناها ذلك ما احتملت إلا الهجر الذي هو الهذيان ويرد عليك ما قاله الشيخ.
فاعترف بالخطأ في ذلك، ثم عدت فقلت: وأما غلطك من جهة المعنى، فإن قولك إن النبي - صلى الله عليه وآله - ليهاجر كلام لا فائدة له لأن المهاجرة من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في تلك الحالة غير متصورة لأنه في حالة الاحتضار ولأن الهجرة قد انقطعت ومع ذلك فهو غير مطابق لمقتضى الحال.