بالمرض حتى أنه كان يغمى عليه مرة ويفيق أخرى، فاحتمل أن يكون أمره في حال غير حالة الصحة، فساغ له الاجتهاد والنظر حينئذ فأداه الاجتهاد إلى الحكم بأن ذلك منه حال كونه مغلوبا بالمرض.
فقلت: والذي ينبغي لأهل الدين والصلاح أن لا يحرفوا الكلم عن مواضعه، وهذه الكلمة الخارجة من هذا القائل ليس لها محمل غير ظاهرها، فلا يمكن حملها على غيره، وأما حمل كلام الأعرابي على ما حمل عليه فإنه حمل ظاهر يعرفه من له أدنى روية، ولفظة عمر لا تلقى أنت ولا غيرك لها محملا غير ظاهرها الذي شتم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، فإن كان لها محمل فاذكره، ولكنك تقول: ينبغي أن تحمل على غير ظاهرها مع عدم وجود محمل، كيف يتصور ذلك! فالعجب منكم كيف تحملون ظواهر الآيات التي فيها عقاب الأنبياء - عليهم السلام - على ترك الأولى على ظواهرها، وتحكمون عليهم بالمعاصي والخطأ مع دلالة العقل على وجوب تنزههم عن ذلك مع وجود المحامل لظواهر تلك الآيات، وتتركون ذلك وتحملون كلام عمر الذي ظاهره المنكر ومرتبته أقل من مراتب الأنبياء بأضعاف على غير ظواهرها، وتمنعون من جواز حمله على ظاهره مع أنه كلام لا محمل له، وتتركون العمل بظاهرها بغير تأويل واضح، ولا دليل لائح، وهلا ساويتم بينه وبين الأنبياء الذين هم في محل التعظيم، وما ذاك إلا من قلة إنصافكم، وكثرة تستركم للحق، وشدة تسرعكم إلى التعمية بإيراد الشبه.
وأما قولك: إن عمر إنما عارض أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لأنه في حالة غير حالة الصحة، ولو كان في حال الصحة لما عارضه، فإنه كلام ردئ جدا لأن النبي - صلى الله عليه وآله - أمره بالكتاب