القوم خير القوم، والدليل عليه في القرآن في قوله، أنكم يا أمة محمد أصغر القوم وخير الأمم (٢)، قال [الله] (٣): ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا﴾ (٤)، فقال لهم أوسطهم: اتقوا الله وكونوا على منهاج أبيكم، تسلموا وتغنموا، فبطشوا به فضربوه ضربا مبرحا.
فلما أيقن الأخ أنهم يريدون قتله، دخل معهم في مشورتهم، كارها لأمرهم غير طائع. فراحوا إلى منازلهم، ثم حلفوا بالله أن يصرموا إذا أصبحوا، ولم يقولوا إن شاء الله تعالى، فابتلاهم الله بذلك الذنب، وحال بينهم وبين ذلك الرزق، الذي كانوا أشرفوا عليه، فأخبر عنهم في الكتاب وقال: ﴿إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم﴾ (٥) قال: كالمحترق.
فقال الرجل: يا ابن عباس، ما الصريم؟ قال: الليل المظلم، ثم قال: لا ضوء له ولا نور، فلما أصبح القوم ﴿فتنادوا مصبحين أن أغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين﴾ (٦) قال: ﴿فانطلقوا وهم يتخافتون﴾ (7) قال: وما التخافت؟ يا ابن عباس، قال يتشاورون بعضهم بعضا، لكن لا يسمع أحد غيرهم، فقال: (لا يدخلنها اليوم