بيعقوب " قال الرجل: يا ابن رسول الله، ما الذي نزل بيعقوب؟ قال:
" كان يعقوب النبي (عليه السلام)، يذبح لعياله في كل يوم شاة، ويقسم لهم من الطعام مع ذلك ما يسعهم، وكان في عصره نبي من الأنبياء كريم على الله لا يؤبه له، قد أخمل نفسه ولزم السياحة، ورفض الدنيا فلا يشتغل بشئ منها، فإذا بلغ من الجهد توخى دور الأنبياء وأبناء الأنبياء والصالحين، ووقف لها وسأل مما يسأل السؤال، من غير أن يعرف به، فإذا أصاب ما يسمك رمقه مضى لما هو عليه، (ولما أغري) (1) ليلة بباب يعقوب وقد فرغوا من طعامهم، وعندهم منه بقية كثيرة، فسأل فأعرضوا عنه، فلا هم أعطوه شيئا ولا صرفوه، وأطال الوقوف ينتظر ما عندهم، حتى أدركه ضعف الجهد وضعف طول القيام، فخر من قامته قد غشي عليه، فلم يقم إلا بعد هوى من الليل، فنهض لما به ومضى لسبيله، فرأى يعقوب في منامه تلك الليلة ملكا أتاه فقال: يا يعقوب، يقول لك رب العالمين: وسعت عليك في المعيشة، وأسبغت عليك النعمة، فيعتري ببابك نبي من أنبيائي كريم علي، قد بلغ الجهد فتعرض أنت وأهلك عنه، وعندكم من فضول ما أنعمت به عليكم ما القليل منه يحييه، فلم تعطوه شيئا ولم تصرفوه فيسأل غيركم، حتى غشي عليه فخر من قامته لاصقا بالأرض عامة ليلته، وأنت في فراشك مستبطن متقلب في نعمتي عليك، وكلاكما بعيني، وعزتي وجلالي لأبتلينك ببلية تكون لها حديثا في الغابرين، فانتبه يعقوب (عليه السلام) مذعورا، وفزع إلى محرابه فلزم البكاء والخوف حتى أصبح، أتاه بنوه يسألونه ذهاب يوسف معهم " ثم ذكر أبو جعفر (عليه السلام) قصة يوسف بطولها.