يطلب فضل اليوسفية على الغلة، قال: إذا كان وزنا بوزن يدا بيد فلا بأس به، قيل له: فما ترى في الرجل يشتري ألف درهم ودينارا بألفي درهم، قال: لا بأس بذلك، إن أبى رضوان الله عليه كان أجرأ (1) على أهل المدينة مني، وكان يقول هذا، فيقولون (2): يا أبا جعفر، هذا الفرار من الربا، لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم، فكان يقول: نعم الشئ الفرار من الحرام إلى الحلال، وقال له رجل: رحمك الله، والله إنك لتعلم أنك لو أخذت دينارا والصرف تسعة عشر فدرت المدينة كلها على أن تجد من يعطيك فيها عشرين لما (3) وجدته، وما هذا إلا فرار من الربا، قال: صدقت، هو فرار من باطل إلى حق، فهذه المعارضة التي عارض بها هذا المعارض ولى الله معارضة جاهل، لان الربا بالاجماع من المسلمين إنما يكون في الشئ الواحد، مما يكال أو يوزن إذا كان فيه التفاضل، قل ذلك التفاضل أو كثر، والذهب والفضة نوعان مختلفان قد فرق الله بينهما بواو كما فرق بين السماء والأرض، فليس في التفاضل بينهما ربا، ولو كان ذلك لم يجز أن يكونا إلا وزنا بوزن، وهذا مما لا يقوله أحد علمناه، وإذا جاز التفاضل بينهما في القليل جاز في الكثير، إذ لا كتاب ولا سنة يمنعان من ذلك، ولكن لا يكون الصرف إلا يدا بيد، كما جاءت به السنة، وسنذكر ذلك إن شاء الله، وليس في الصرف توقيت، وإنما هو ما تراضى عليه الناس كسائر البيوع مرتخص وغال، فما في معارضة هذا الجاهل الذي يقول: لو كان الصرف كذا، ما زاد أحد كذا، وهو والمسلمون أجمعون لا يرون بالزيادة والنقص في ذلك بأسا،
(٣٩)