ثم بالرجلين، وإن غسلهما كما قلنا فحسن، ولا يجزى الغسل وحده، وذلك أن يصب الماء عليهما، حتى يمسح بيده عليهما، ومن بدأ بما أخر الله عز وجل من الأعضاء عاد إلى ما بدأ به (1) ثم أعاد على ما قدمه عليه إلا أن يكون نسي ذلك أو جهله وصلى، فلا تفسد صلاته كما ذكرناه في تقديم المياسر على الميامن.
وقالوا: لا ينبغي أن يبعض الوضوء ولكن يكمل كله في وقت واحد ولا يتوضأ بعض الوضوء ويدع بعضه إلى وقت آخر فيتم ما بقي عليه، فهذا لا ينبغي أن يتعمد، ومن قطعه عن تمام الوضوء عذر فأراد أن يتمه فعليه أن يبتدئه من أوله، فإن هو جهل ذلك وبنى على ما تقدم من وضوئه وصلى لم يؤمر بإعادة الوضوء والصلاة كما ذكرنا في تقديم الأعضاء بعضها على بعض (2).
ورغبوا في إسباغ الوضوء وليس ذلك بكثرة الماء عن غير معرفة بالوضوء ولا رفق فيه، وقد يكتفى بالقليل من الماء من يحسن الوضوء ولا يكتفى بالكثير منه من لا يحسنه، وليس في قدر الماء للوضوء ولا للطهر (3) حد محدود، ولكنه مما ينبغي في الوضوء أن يعم بالماء أعضاء الغسل ويمر اليدين عليها ويمسح أعضاء المسح أصاب الماء منها ما أصاب.
وقد ذكر أبو جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه بيان ذلك من كتاب الله عز وجل فقال: في قوله تعالى: (4) وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين.
فبان أن المسح (5) إنما هو ببعضها لمكان الباء من قوله " برءوسكم " كما قال الله عز وجل في التيمم: (6) فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه. وذلك