أنها لو كان المراد منها مطلق الحجة الواضحة يلزم أن يكون قسم الشئ قسيما له لوضوح ان الاستبانة اي العلم قسم من الحجة الواضحة بل أعظم وأجلى مصاديقها.
الثالث: أن البينة في هذه الرواية جعلت غاية للحل، فكأنه قال عليه السلام كل شئ لك حلال حتى تعلم حرمته أو تقوم البينة على حرمته ولا تدل إلا على حجية البينة لاثبات حكم الحرمة لا اثبات الموضوعات كخمرية مايع أو كرية ماء أو اجتهاد زيد أو عدالته وأمثال ذلك من الموضوعات، بل لا تدل على حجيتها لاثبات سائر الأحكام الجزئية كنجاسة ذلك الشئ أو ملكيته لفلان أو زوجية فلانة لفلان و أمثال ذلك، والمدعى هو عموم حجيتها في جميع الموضوعات.
وفيه: ان الظاهر والمتفاهم العرفي - من هذه الرواية - هو ان الحرمة لا تثبت باحتمال ما هو موضوع الحرمة بل لا بد من العلم بالموضوع وانه سرقه أو هي رضيعة ذلك الشخص، وأمثال ذلك مثل انه ميتة أو خمر أو غير ذلك أو أن تقوم البينة على ذلك الموضوع أي: يحتاج اثبات الحرمة وارتفاع الحلية على اثبات ما هو موضوع الحرمة، والمثبت للموضوعات إما العلم أو البينة، فجعل عليه السلام البينة عدلا للعلم.
وحيث إن حجية العلم ذاتية فلا يحتاج إلى جعل تشريعي، بل لا يمكن ذلك ولكن البينة ليست كذلك فيحتاج حجيتها وإماريتها إلى الجعل فلما حكم الشارع بكونها لاثبات الموضوعات مثل العلم يستكشف انها حجة وامارة لاثباتها فيثبت بها الموضوعات فيترتب عليها جميع أحكامها من الحرمة والنجاسة والطهارة و الملكية والزوجية وغيرها، فإذا شهدت البينة بعدالة شخص فيجوز الصلاة خلفه و الطلاق عنده وهكذا بالنسبة إلى سائر الأحكام.
وبعبارة أخرى ظاهر قوله عليه السلام (الأشياء كلها على ذلك) أي: على الإباحة حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة أي: حتى تقوم امارة العلمي أو العلم على