فنقول أولا ما هو معنى البينة لغة وعرفا؟
ولا شك في أنها صفة مشبهة من بان، فإذا كان موصوفها مذكرا يقال: هو بين، و إذا كان مؤنثا يقال: هي بينة فهو كسيد وسيده من ساد.
وحيث إن موصوفها هي الحجة، فيقال انها بينة أي: حجة واضحة لا سترة و لا خفاء فيها، وهي بهذا المعنى تكون مرادفة للبرهان.
وقد استعمل بهذا المعنى في خمسة عشر موضعا من القرآن العظيم، وقد عبر فيه عن المعجزتين اللتين لموسى عليه السلام تارة بكلمة برهان (وأخرى) بلفظة البينة في قوله تعالى (فذانك برهانان من ربك) (1) وفى قوله تعالى حكاية عن قول موسى عليه السلام (قد جئتكم ببينة من ربكم) (2) إلى قوله تعالى (فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين. ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين) (3) فمعنى هذه الكلمة لغة وعرفا هي الحجة الواضحة والبرهان أي: ما يوجب اليقين.
ولكن الظاهر أنها في لسان الشرع عبارة: عن شهادة عدلين على أمر، وهذا المعنى - بعد حكم الشارع باعتبارها وبعد أن جعلها أمارة وحجة - تكون من مصاديق الحجة الواضحة بناء على أن حجية الامارات من باب تتميم الكشف في عالم الاعتبار التشريعي، فتبادر هذا المعنى في لسان الشرع يرجع إلى انصراف المفهوم الكلى إلى بعض مصاديقه، ولذلك لم يحتمل أحد من الفقهاء في قوله صلى الله عليه وآله - البينة على المدعى واليمن على من أنكر (4) أو في قوله صلى الله عليه وآله - إنما أقضى بينكم بالبينات و