وبعد ما عرفت من أن المتبادر من لفظة البينة في الروايات هو شهادة شاهدين فدلالة هذه الرواية على عموم حجيتها في كل موضوع - وعدم اختصاصها بباب القضاء - واضحة، إذ الجمع المعرف باللام يفيد العموم مضافا إلى تأكيد كلمة الأشياء بكلمة كلها.
فمعنى الرواية ان جميع الأشياء أي: الموضوعات الخارجية على ذلك أي الحلية إلى أن تعرف بالعلم الوجداني حرمتها أو بالبينة، فجعل عليه السلام قيام البينة بمنزلة العلم في حصول غاية الحكم بالحلية في جميع الأشياء سواء أكان في باب القضاء أو غيرها.
وأورد على الاستدلال بهذه الرواية - على عموم حجية البينة في جميع الموضوعات - بايرادات:
الأول عدم اعتبارها لان راويها مسعدة عامي ولم يوثقوه وفيه: ان عمل الأصحاب بها يوجب الوثوق بصدورها، وموضوع الحجية هو خبر الموثوق الصدور لا خبر الثقة.
الثاني ان المراد بقوله عليه السلام (حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة) العلم و العلمي، فيحتاج اثبات ان البينة - أعني شهادة عدلين - دليل علمي في جميع الموضوعات سواء أكان في باب القضاء أو غير القضاء إلى دليل اخر غير هذه الرواية.
وفيه انه وان تقدم ان لفظة البينة معناها لغة هي الحجة الواضحة ولعله عرفا أيضا كذلك فلو كان المراد في هذه الرواية هذا المعنى فهو كما توهم ويحتاج اثبات ان البينة بمعنى شهاد عدلين من الحجة الواضحة إلى دليل اخر غير هذه الرواية.
ولكن قلنا إن هذه الكلمة بواسطة كثرة الاستعمال في شهادة اثنين على موضوع عند العرف صارت منقولا عرفيا، وأن أنكرت كونها منقولا عرفيا فلا يمكن انكار انها منقول شرعي، لما قلنا من أنها في لسان الشارع ظاهرة شهادة عدلين. مضافا إلى