والفرق بين الصورتين في كمال الوضوح لأنه بناء على الصورة الأولى يكون المعنى عبارة: عن أن اقرار العقلاء - الذي يكون على ضررهم لا مطلق اقرارهم ولو لم يكن على ضررهم - نافذ مطلقا -، سواء أكان النفوذ على ضرره أو على نفعه، بمعنى ان الاقرار إذا كان على ضرره ولكن كان له لازم يكون لنفعه، فبناء على تقدير الأول يرتب ذلك اللازم عليه لأنه يصدق عليه انه اقرار على النفس، كما أنه لو أقر على أن هذا الولد ابني أو هذه المرأة زوجتي فهذا الاقرار ضرر عليه من حيث وجوب اعطاء النفقة لهما ولكن لازمه انهما لو ماتا يرث منهما.
فلو كان الظرف من قيود الاقرار وكان الجواز مطلقا فيلزم القول بنفوذ هذا الاقرار بالنسبة إلى هذا اللازم، وأما لو كان من قيود الجواز فيكون المعنى ان اقرارهم جائز في خصوص ما يضرهم لا فيما ينفعهم، فيلزم القول بعدم نفوذ ذلك الاقرار في اللازم المذكور.
ولكن الانصاف ان ظاهر هذا الكلام انه صلى الله عليه وآله وسلم بصدد بيان ان اقرار العقلاء إذا كان على ضررهم فهو - أي: ذلك الاقرار الذي على ضرره - جائز ونافذ على نفسه فلو كان لاقرارهم الضرري لازم غير ضرري عليه سواء أكان نافعا له أو لم يكن وسواء أكان ضرر على الغير أو لم يكن ففي جميع هذه الصور لا يشمله الحديث لما ذكرنا ان معنى الحديث ان الاقرار الذي على أنفسهم جائز عليهم لا لهم، فكان الظرف المذكور في القضية متعلق بكلمة (اقرار العقلاء) وهو ظاهر اللفظ وإلا محذوف ومقدر متعلق بكلمة (جائز) بقرينة الأول مثل قوله تعالى (اسمع بهم وابصر) (1) أي: بهم فحذف من الثاني بقرينة الأول فكان الكلام هكذا (اقرار العقلاء على أنفسهم جائز على أنفسهم).
ونتيجة هذا انه إذا كان للاقرار مدلول التزامي لا يكون ضررا على المقر