يقول الله تعالى أنا مع عبدي ما ذكرني تحركت بي شفتاه أخرجه ابن ماجة وصححه ابن حبان وذكره البخاري تعليقا، وهو في البخاري بلفظ قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملا ذكرته في ملا خير منهم وإن تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة وهذه معية خاصة تفيد عظمة ذكره تعالى، وأنه مع ذاكر برحمته ولطفه وإعانته والرضا بحاله وقال ابن أبي جمرة: معناه أنا معه بحسب ما قصده من ذكره لي ثم قال: يحتمل أن يراد الذكر بالقلب أو باللسان أو بهما معا أو بامتثال الامر واجتناب النهي، قال: والذي تدل عليه الاخبار أن الذكر على نوعين، أحدهما مقطوع لصاحبه بما تضمنه هذا الخبر، والثاني على خطر قال: والأول مستفاد من قوله تعالى: * (فمن يعلم مثقال ذرة خيرا يره) *، والثاني من الحديث الذي فيه من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا لكن إن كان في حال المعصية يذكر الله لخوف ووجل فإنه يرجى له. 2 - (وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله (ص): ما عمل ابن آدم عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله أخرجه ابن أبي شيبة والطبراني بإسناد حسن الحديث من أدلة فضل الذكر وأنه من أعظم أسباب النجاة من مخاوف عذاب الآخرة وهو أيضا من المنجيات من عذاب الدنيا ومخاوفها، ولذا قرن الله الامر بالثبات لقتال أعدائه وجهادهم بالأمر بذكره كما قال: * (إذا لقيتم فئة فأثبتوا واذكروا الله كثيرا) * (الأنفال: 45) وغيرها من الآيات والأحاديث الواردة في مواقف الجهاد.
3 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله فيه إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده أخرجه مسلم. دل الحديث على فضيلة مجالس الذكر والذاكرين وفضيلة الاجتماع على الذكر. وأخرج البخاري: إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تعالى تنادوا هلموا إلى حاجتكم قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا - الحديث وهذا من فضائل مجالس الذكر تحضرها الملائكة بعد التماسهم لها. والمراد بالذكر: هو التسبيح والتحميد وتلاوة القرآن ونحو ذلك، وفي حديث البزار: أنه تعالى يسأل ملائكته ما يصنع العباد - وهو أعلم بهم - فيقولون:
يعظمون آلاءك ويتلون كتابك ويصلون على نبيك ويسألونك لآخرتهم ودنياهم. والذكر حقيقة في ذكر اللسان ويؤجر عليه الناطق، ولا يشترط استحضار معناه وإنما يشترط أن لا يقصد غيره، فإن انضاف إلى الذكر باللسان الذكر بالقلب فهو أكمل، وإن انضاف إليهما استحضار معنى الذكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى ونفي النقائص عنه ازداد كمالا، فإن وقع ذلك في عمل صالح مما فرض من صلاة أو جهاد أو غيرهما فكذلك، فإن صح