من إفشاء السر وهو محرم أيضا وورد في النميمة عدة أحاديث أخرج الطبراني مرفوعا ليس منا ذو حسد ولا نميمة ولا كهانة ولا أنا منه، ثم تلا قوله تعالى: * (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) * وأخرج أحمد: خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله، وشر عباد الله المشاؤون بالنميمة الباغون للبراء العيب يحشرهم الله مع الكلاب وغير هذا من الأحاديث. وقد تجب النميمة كما إذا سمع شخصا يتحدث بإرادة إيذاء انسان ظلما وعدوانا يحذره منه، فإن أمكن تحذيره بغير ذكر من سمعه منه وإلا ذكر له ذلك. والحديث دليل على عظم ذنب النمام. قال الحافظ المنذري: أجمعت الأمة على أن النميمة محرمة وأنها من أعظم الذنوب عند الله وفي كلام للغزالي ما يدل على أنها لا تكون كبيرة إلا مع قصد الافساد.
26 - (وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): من كف غضبه كف الله عنه عذابه أخرجه الطبراني في الأوسط وله شاهد من حديث ابن عمر عند ابن أبي الدنيا تقدم الكلام في الغضب مرارا. وهذا الحديث في فضل من كف غضبه ومنع نفسه من إصدار ما يقتضيه الغضب ولا يكون ذلك إلا بالحلم والصبر وجهاد النفس وهو أمر شاق، ولذا جعل الله جزاءه كف عذابه عنه، وقد قال تعالى في صفات المؤمنين: * (وإذا ما غضبوا هم يغفرون) *.
27 - (وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):
لا يدخل الجنة) من أول الأمر (خب) بالخاء المعجمة مفتوحة وبالموحدة الخداع (ولا بخيل) تقدم الكلام على البخيل (ولا سئ الملكة) وهو من يترك ما يجب عليه من حق المماليك، أو يتجاوز الحد في عقوبتهم، ومثله تركه لتأديبهم بالآداب الشرعية من تعليم فرائض الله وغيرها، وكذلك البهائم سوء الملكة يكون بإهمالها عن الطعام وتحميلها ما لا تطيقه من الأحمال والمشقة عليها بالسير والضرب العنيف وغير ذلك (أخرجه الترمذي وفرقه حديثين وفي إسناده ضعف) ولكن له شواهد كثيرة وقد مضى كثير منها.
28 - (وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من تسمع حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك) بفتح الهمزة والمد وضم النون (يوم القيامة يعني الرصاص) هو مدرج في الحديث تفسيرا لما قبله (أخرجه البخاري). هكذا في نسخ بلوغ المرام تسمع بالمثناة الفوقية وتشديد الميم، ولفظ البخاري من استمع، والحديث دليل على تحريم استماع حديث من يكره سماع حديثه ويعرف بالقرائن وبالتصريح. وروى البخاري في الأدب المفرد من رواية سعيد المقبري قال: مررت على ابن عمر ومعه رجل يتحدث فقمت إليهما فلطم صدري وقال: إذا وجدت اثنين يتحدثان فلا تقم معهما حتى تستأذنهما. قال ابن عبد البر: لا يجوز لاحد أن يدخل على المتناجين في حال تناجيهما. قال المصنف: ولا ينبغي للداخل عليهما القعود عندهما ولو