الحسنى ثم سردها على رواية الترمذي وذكر اختلافا في بعض ألفاظها وتبديلا في إحدى الروايا ت للفظ بلفظ ثم قال: واعلم أن الأسماء الحسنى على أربعة أقسام: القسم الأول: الاسم العلم وهو الله. والثاني: ما يدل على الصفات الثابتة للذات كالعليم والقدير والسميع والبصير. والثالث: ما يدل على إضافة أمر إليه كالخالق والرازق. والرابع: ما يدل على سلب شئ عنه كالعلي والقدوس. واختلف العلماء أيضا هل هي توقيفية يعني أنه لا يجوز لأي أحد أن يشتق من الأفعال الثابتة لله تعالى اسما، بل لا يطلق عليه إلا ما ورد به نص الكتاب والسنة، فقال الفخر الرازي: المشهور عن أصحابنا أنها توقيفية. وقالت المعتزلة والكرامية: إذا دل العقل على أن معنى اللفظ ثابت في حق الله تعالى جاز إطلاقه على الله تعالى. وقال القاضي أبو بكر والغزالي: الأسماء توقيفية دون الصفات، قال الغزالي:
كما أنه ليس لنا أن نسمي النبي صلى الله عليه وسلم باسم لم يسمه به أبوه ولا أمه ولا سمى به نفسه كذلك في حق الله تعالى. واتفقوا على أنه لا يجوز أن يطلق عليه تعالى اسم أو صفة توهم نقصا، فلا يقال: ماهد ولا زارع ولا فالق وإن جاء في القرآن: * (فنعم الماهدون) _ (أم نحن الزارعون) * * (فالق الحب والنوى) * ولا يقال ماكر ولا بناء وإن ورد * (ومكروا ومكر الله) * * (والسماء بنيناها) *. وقال القشيري: الأسماء تؤخذ توقيفا من الكتاب والسنة والاجماع فكل اسم ورد فيها وجب إطلاقه في وصفه وما لم يرد لم يجز ولو صح معناه. وقد أوضحنا هذا البحث في كتابنا إيقاظ الفكرة. وقوله: من أحصاها اختلف العلماء في الاحصاء فقال البخاري وغيره من المحققين: معناه حفظها وهو الظاهر فإن إحدى الروايتين مفسرة للأخرى، وقال الخطابي: يحتمل وجوها أحدها: أن يعدها حتى يستوفيها بمعنى أن لا يقتصر على بعضها فيدعو الله بها كلها ويثني عليه بجميعها فيستوجب الموعود عليها من الثواب، وثانيها: المراد بالاحصاء الإطاقة، والمعنى من أطاق القيام بحق هذه الأسماء والعمل بمقتضاها وهو أن يعتبر معانيها فيلزم نفسه بمواجبها، فإذا قال: الرزاق وثق بالرزق وكذا سائر الأسماء.
ثالثها: المراد به الإحاطة بمعانيها. وقيل: أحصاها عمل بها فإذا قال: الحكيم، سلم لجميع أوامره لان جميعها على مقتضى الحكمة وإذا قال: القدوس، استحضر كونه مقدسا منزها عن جميع النقائص، واختاره أبو الوفاء ابن عقيل. وقال ابن بطال: طريق العمل بها أن ما كان يسوغ الاقتداء به فيها كالرحيم والكريم فيمرن العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها، وما كان يختص به نفسه كالجبار والعظيم فعلى العبد الاقرار بها والخضوع لها وعدم التحلي بصفة منها، وما كان فيه معنى الوعد يقف فيه عند الطمع والرغبة، وما كان فيه معنى الوعيد يقف منه عند الخشية والرهبة. ويؤيد هذا أن حفظها لفظا من دون عمل واتصاف كحفظ القرآن من دون عمل لا ينفع كما جاء يقرؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم ولكن هذا الذي ذكرته لا يمنع من ثواب من قرأها سردا، وإن كان متلبسا بمعصية، وإن كان ذلك مقام الكمال الذي لا يقوم به إلا أفراد من الرجال. وفيه أقوال أخر لا تخلو