مناسبة المذهب:
ومن الاستثناءات لدى المؤلف في العمل بالخبر الضعيف هو: مناسبته للمذهب أو للروايات الصحيحة، وهذا مثل تعليقه على روايتين تتحدثان عن طهارة الأسئار للسباع وغيرها - وفي طريقهما واقفي وفطحي - حيث قال: (وحديث أبي بصير وعمار - وإن كانا ضعيفين، لأن في الأول علي بن أبي حمزة، وهو واقفي، وعمار، وهو فطحي - إلا أنه مناسب للمذهب).
والحق، أن العمل بالخبر لا ضعيف من حيث مناسبته للمذهب، لا يكتسب صفة " عملية " إلا في حالة فقدان النصوص المعتبرة، أما مع وجود النصوص المعتبرة فلا يزيد عن كونه قد " تأيد " بها من حيث مجانسته لها، دون أن يأخذ صفة استقلالية، لذلك يتعذر القول بأن المؤلف قد عمل بالخبرين المذكورين، لأن العمل أساسا قد تم من خلال النصوص المعتبرة التي جاء هذان الخبران في سياقهما، كما قو واضح. وهذا على العكس مما لو اكتسب الخبر الضعيف صفة استقلالية بحيث يصح أن يعتمده المؤلف في حالة فقدان النصوص المعتبرة " من خلال مناسبته للمذهب " وهذا من نحو عمله بالرواية الذاهبة إلى أن الصائم يقضي صومه في حالة إفطاره قبل المغرب لتوهم الظلمة ونحوها، حيث عقب المؤلف على ذلك قائلا: (وحديثنا - وإن كان يرويه محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمان، وقد توقف ابن بابويه فيما يرويه محمد بن عيسى عن يونس - إلا أنه اعتضد بأنه تناول ما ينافي الصوم عامدا.) فمناسبة هذا الخبر للمذهب تتجسد في كونه قد تجانس مع الدليل القائل بأن تناول ما ينافي الصوم يستلزم إفساده، ولذلك جاء العمل بهذا الخبر الضعيف مقرونا بالأهمية من حيث تجانسه مع دليل عقلي على العكس من الحالة السابقة التي جاء فيها الخبران الضعيفان في سياق الأخبار المعتبرة، حيث لا فاعلية لمفهوم " المناسبة للمذهب " فيهما، ما دام النص المعتبر هو الدليل، وليس الدليل العقلي أو الاستقرائي، كما قلنا.