الثاني: إنه إذا لاقى النجاسة العينية، كان حكمه جواز الاستعمال ما دام وصف الماء باقيا، فالأولى أنه إذا رفع به الحدث مع عدم ملاقاة النجاسة جاز استعماله.
الثالث: المقتضي موجود وهو الأمر باستعمال الماء المطلق، والمعارض وهو الاستعمال لا يصلح أن يكون معارضا، لأنه لم يخرجه عن إطلاقه، وإضافته إلى الاستعمال يؤثر تغير وصف ولا هيئة فيكون كإضافته إلى المحل، ولأنه طاهر لاقى طاهرا، فلا يخرجه عن تأدية الفرض به ثانيا، كالثوب إذا تعددت الصلاة فيه.
احتج أبو حنيفة وأبو يوسف (1) بأن هذا الفعل يسمى طهارة، وذلك يستدعي نجاسة المحل فشارك الذي أزيلت به النجاسة الحقيقية، ولما كانت النجاسة مجتهدا فيها، خفف حكمها كبول ما يؤكل (2) لحمه.
والجواب: إن وقوع لفظ الطهارة على مزيل الحدث وعلى مزيل الخبث بالاشتراك اللفظي فلا جامع بينهما، ولا نسلم أن التسمية تستدعي سابقية النجاسة، والفرق بين مزيل الحدث والخبث ملاقاة النجاسة العينية الصالحة للحوق حكم التنجيس، فلا يتم القياس.
فروع:
الأول: الماء المستعمل في المرة الثانية، أو في المضمضة والاستنشاق، أو التجديد، عندنا طاهر بالإجماع، وللشافعية وجهان:
أحدهما: ذلك، لأنه لم يؤد به فرضا.
والثاني: المنع، لأنه مستعمل في الطهارة (3). ومن أحمد روايتان (4).
الثاني: يجوز إزالة النجاسة بماء الوضوء عندنا، وللشافعي وجهان:
أحدهما ذلك، لأن للماء فعلين: رفع الحدث وإزالة الخبث، فإذا رفع الحدث بقي