وأما بطلان قسمي التالي فبالإجماع في الثاني، وبالعقل الدال على امتناع ما أدى ثبوته إلى انتفائه في الأول.
احتج الشافعي بأنه شرط الصلاة، فجاز التحري من أصله كما لو اشتبهت القبلة ولأن الطهارة تؤدي باليقين تارة وبالظن أخرى، ولهذا جاز الوضوء بالماء القليل المتغير الذي لا يعلم سبب تغيره (1).
والجواب: القبلة يباح تركها حالة الضرورة، في السفر في النفل اختيارا، ولأن القبلة التي يتوجه إليها مبنية على الظن، ولو بان له يقين الخطأ لم يلزمه الإعادة والمتغير من غير سبب يجوز الوضوء به عملا بأصالة الطهارة وإن عارضه ظن النجاسة، وهنا عارضه يقين النجاسة، ولهذا لا يحتاج في القليل إلى التحري بخلاف التنازع.
فروع:
الأول: حكم ما زاد على الإناءين حكم الإناءين في المنع من التحري سواء كان هناك أمارة أو لم يكن، وسواء كان الطاهر هو الأكثر أو بالعكس أو تساويا، وسواء كان المشتبه بالطاهر نجسا أو نجاسة أو ماءا مضافا، ولو انقلب أحدهما لم يجز التحري أيضا، لأنه ظن، فلا يرفع يقين النجاسة.
ووافقنا الشافعي على عدم التحري إذا كان أحد الإناءين نجاسة كالبول، لأنه ليس له أصل في الطهارة سواء زاد عدد الطاهر أو لا (2).
وقال أبو حنيفة: إن زاد عدد الطاهر، جاز (3).
قالت الشافعية: لو أدى اجتهاد أحد الرجلين إلى طهارة إناء، والآخر إلى طهارة آخر، صلى كل منهما منفردا ولا يجوز الائتمام، لأنه معتقد فساد طهارة إمامه، فلو كانت الأواني خمسة واجتهد فيها خمسة واستعمل كل ما أدى إليه اجتهاده، فإن كان الطاهر