عدم نجاسة المذي حيث قدم نصوصا على الطهارة ثم قال: (ولأن الأصل الطهارة فتستصحب إلى أن يقوم دليل المنافي) ومثل ذهابه إلى عدم نجاسة " ألقي " فيما أورد النص أولا، ثم عقب قائلا: (ولأنه طاهر قبل الاستحالة فيستصحب).
وما دام المؤلف يحرص على عرض أكثر من دليل كما سنرى لاحقا، حينئذ فإن المسوغ لتقديم " الأصل " إضافة إلى النص يتناسب مع المنهج المذكور - وإن كنا نتحفظ في قيمة الأصل مقابل النص - فمع توفر النصوص الكثيرة الدالة على عدم نجاسة المذي، تنتفي مشروعيته " الأصل " الذي أورده المؤلف، إلا في حالة عدم قناعة المخالف بالنصوص التي استدل بها.
ومما تجدر ملاحظته هنا أن المؤلف يقدم ما هو " أصل " على النص في غالبية ممارساته بحيث يعرض أولا " الأصل " ثم يردفه بالنص، وهذا من نحو ذهابه إلى عدم نجاسة عرق الجنب حيث قال مستدلا: (لنا: أن الأصل الطهارة، فتستصحب، وما رواه الشيخ في الصحيح. إلخ).
ومن نحو ذهابه إلى عدم جواز شهادة المرأة في الهلال، حيث قال: (لنا: الأصل براءة الذمة وعدم التكليف بالصوم عند شهادتهن، وما تقدم في الحديث عن علي " ع ".) ففي هذه النماذج وسواها، يقدم المؤلف " الأصل " أولا ثم يدعمه بالنص. لكن لا فاعلية لمثل هذا التقديم، لبداهة أن النص هو المحرز لاكتشاف الحكم، فكيف يقدم عليه ما هو غير محرز؟! (10) وأيضا، ثمة مسوغ آخر يمكن التسليم به، وهو ما إذا كان المؤلف في صدد تقديم دليل يتوافق مع مبادئ " العامة " مثلا، حينئذ يكون تقديم " الأصل " متجانسا مع المنهج المقارن. أما في حالة العكس - كما هو ملاحظ مثلا في تعامل المؤلف مع فقهاء الخاصة الذين أورد وجهات نظرهم حيال طهارة أو نجاسة عرق الجنب، ثم استدل ب " الأصل "