الثالث عشر: لو وجب نزح عدد معين فنزح الدلو الأول ثم صب فيها، فالذي أقوله تفريعا على القول بالتنجيس: إنه لا يجب نزح ما زاد على العدد عملا بالأصل، ولأنه لم تزد (1) النجاسة بالنزح والإلقاء، وكذا إذا ألقي الدلو الأوسط. أما لو ألقي الدلو الأخير بعد انفصاله عنها، فالوجه دخوله تحت النجاسة التي لم يرد فيها نص. وكذا لو رمي الدلو الأول في بئر طاهرة ألحق بغير المنصوص.
وقالت الحنفية تطهر البئر الثانية بما تطهر به البئر الأولى (2) وليس بجيد، لأن النزح الأول وجب لنجاسة معينة، والماء المصبوب مغاير لها، فلا يلحقه حكمها من حيث النص. وأما القياس فيه فباطل، خصوصا على رأيهم في أنه لا يجري القياس في الأمور المقدرة، كالحدود والكفارات.
ولو ألقيت النجاسة العينية وما وجب لها من المنزوح في الطاهرة، فالأولى التداخل.
وهو مذهب الحنفية (3).
الرابع عشر: لو غار ماؤها قبل النزح ثم ظهر فيها بعد الجفاف ماء (4)، فالأصل فيه الطهارة.
لا يقال: ظهور الماء عقيب الجفاف أمارة على أن العائد هو الأول.
لأنا نقول: جاز أن يكون هو الأول، وجاز أن يكون قد انصب إليها من (مواد جهات) (5) لها، وإذا جاز الأمران جوازا متساويا، كيف يجعل الإعادة أمارة على أحد الجائزين دون الآخر؟!.
لا يقال: البئر قد تعلق عليها الحكم بوجوب النزح، فلا يسقط إلا به.
لأنا نقول: النزح لم يتعلق بالبئر، بل بمائها المحكوم بنجاسته الذي لا يعلم وجوده، فالتكليف بالنزح منه، تكليف بما لا يطاق، ولأن التكليف سقط وقت الذهاب، فعوده