يتمايزون فيما بينهم بالنسبة للمباني التي يعتمدونها. بكل أولئك يفسر لنا مشروعية تعدد الأدلة.
والحق، أننا لا نجدنا بحاجة إلى الاستشهاد بنماذج في هذا الصدد، حيث أن وقوفنا على منهجه المقارن والاستدلالي أبرز لنا طبيعة التعدد أو التنوع في كتبهم الاستدلالية للأدلة التي يعتمدها المؤلف، فيما تفصح مستوياتها عن مدى الثراء والعمق والجدية والسعة العلمية. والمهم هو: أن حرص المؤلف على تعدد الأدلة ما دام نابعا من كونه يقوم بعملية مقارنة - من جانب، وعرض الأدلة بما يحقق الإقناع للقارئ من جانب آخر - فإن طبيعة المناقشة أو البرهنة العلمية - من جانب ثالث، تفرض عليه أن يعتمد " تعدد الأدلة ": حتى لو خضعت لما هو " محتمل " أو " ممكن " من الأدلة، ما دام الهدف هو: " إلزام " المخالف و " إقناعه " بصواب ما يذهب إليه المؤلف، وبخطأ ما يذهب إليه المخالف. فمثلا، عند رده لرواية خاصة تحدد عدم انفعال الماء إذا كان قدر قلتين، يرده قائلا: (بأنه مرسل، ولأنه مناف لعمل الأصحاب، ولأنه ورد للتقية ولأنه يحتمل أن تكون القلة.) فالإرسال، وعدم العمل به، ووروده تقية، أو احتمال بلوغ القلة قدر الكر. كل واحد من هذه الفرضيات الأربع، كاف في الرد على الرواية، إلا أن المؤلف أخضع ذلك لافتراضات أربعة " من حيث سند الرواية ودلالتها "، حتى " يلزم " المخالف بوجهة النظر، سليمة من الإشكالات أيا كان نمطها.
التعامل مع السند:
ما تقدم، يمثل تعامل المؤلف مع الدلالة.
أما الآن، فنعرض لتعامله مع " السند " في كتابه " المنتهى ".
سلفا، ينبغي التأكيد على حقيقة ملحوظة في منهج المؤلف بالنسبة إلى تعامله مع السند، وهي: أنه يرتب أثرا على الرواية من حيث " اعتبارها " أو عدمه. وهو مبدأ عام في ممارساته، حيث يظل مثل هذا التعامل أمرا له أهميته العملية دون أدنى شك، لبداهة أن تحقيق النص وتصحيح نسبته إلى قائله، يظل واحدا من أهم معالم " المنهج " التأريخي " في