(البحث الثاني: في كيفية تطهير المياه من النجاسات:) مسألة: المتغير إما أن يكون جاريا أو واقفا، فالجاري إنما يطهر بإكثار الماء المتدافع حتى يزول التغير، لأن الحكم تابع للوصف، فيزول بزواله، ولأن الطارئ لا يقبل النجاسة لجريانه، والمتغير مستهلك فيه فيطهر.
والواقف بإلقاء كر عليه دفعة من المطلق بحيث يزول تغيره، وإن لم يزل فبإلقاء كر آخر، وهكذا لأن الطارئ غير قابل للنجاسة لكثرة، والمتغير مستهلك فيه فيطهر.
ولو زال التغير من قبل نفسه أو بملاقاة أجسام طاهرة غير الماء أو بتصفيق الرياح، المشهور أنه لا يطهر، لأن النجاسة حكم شرعي، فيتوقف زواله عليه، ولأنها نجسته قبل الزوال، فيستصحب الحكم، ولأن النجاسة تثبت بوارد، فلا تزول إلا بوارد، بخلاف نجاسة الخمر، فإنها تثبت بغير وارد، فتطهر بغير وارد.
وقال الشافعي وأحمد: إن زال بطول المكث عاد طهورا وإن زال بطرح المسك والزعفران فلا، لأنهما ساتران لا مزيلان (1). وفي التراب قولان له مبنيان على أنه مزيل أو ساتر (2).
ولو زال التغير بأخذ بعضه لم يطهر، وإن كان الباقي كرا، وكذا لو زال التغير بإلقاء أقل من الكر على الأقوى، خلافا لبعض علمائنا (3)، وللشافعي (4).