واحدا صلى كل منهم منفردا، فإن صلوا جماعة لم يصح، وإن كان النجس واحدا صحت صلاتهم جماعة، فلو صلوا الخمس جماعة وأم كل واحد منهم في واحدة، وكل من صلى إماما صحت صلاته، وكل صلاة صلاها وهو مأموم فيها صحيحة إلا الصلاة الأخيرة، فإمام العشاء لا يصح له صلاة المغرب، لأنه يزعم أنه تطهر بالماء الطاهر. وكذا إمام الصبح والظهر والعصر، فتعين استعماله الماء النجس بحكم اقتدائه بمن قبله في حق إمام المغرب، وعلى الباقين إعادة صلاة العشاء لما ذكرنا (1)، وهذا عندنا ساقط، لأنا نوجب التيمم.
الثاني: لو كان أحدهما متيقن الطهارة والآخر مشكوك النجاسة كما لو انقلب أحد المشتبهين ثم اشتبه الباقي بمتيقن الطهارة، وكذا لو اشتبه الباقي بمتيقن النجاسة وجب الاجتناب.
الثالث: لو خاف العطش أمسك أيهما شاء، لاستوائهما في المنع، وخائف العطش يجوز أن يمسك النجس، فالمشكوك أولى، ويجوز له أن يستعمل أيهما شاء، ولا يلزمه التحري، لأنه مضطر، فساغ له التناول، ولو لم يكونا مشتبهين شرب الطاهر وتيمم، ولو خاف العطش في ثاني الحال حبس الطاهر، لأن وجود النجس كعدمه عند الحاجة إلى الشرب في الحال، فكذا في المآل، وخوف العطش في إباحة التيمم كحقيقته. وهو قول بعض الحنابلة وقال بعضهم: يحبس النجس، لأنه ليس بمحتاج إلى شربه في الحال، فلم يجز التيمم مع وجوده (2).
الرابع: لو استعمل الإناءين وأحدهما نجس مشتبه وصلى، لم تصح صلاته ولم يرتفع حدثه سواء قدم الطهارتين أو صلى بكل واحد صلاة، لأنه ماء يجب اجتنابه فكان كالنجس.
وكذا لو استعمل أحدهما وصلى به، لم تصح صلاته ووجب عليه غسل ما أصابه المشتبه بماء متيقن الطهارة كالنجس. وهو أحد وجهي الحنابلة، والآخر: لا يجب غسله، لأن المحل طاهر بيقين، فلا يزول بشك النجاسة (3).