بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله المتفضل فلا يبلغ مدحته الحامدون، المنعم فلا يحصي نعمته (1) العادون الكريم فلا يحصر مدى كرمه الحاصرون، والكامل في ذاته وصفاته فلا يقدر على إدراكه المجتهدون القديم فلا أزلي سواه الباقي فكل شئ فإن عداه، القادر فكل موجود منسوب إلى قدرته، العالم فكل مخلوق مندرج تحت عنايته، نحمده على إفضال أسداه إلينا، ونشكره على نوال تكرمه به علينا ونستزيده من نعمه الجسام، ونسترفده من عطاياه العظام.
والصلاة على أشرف النفوس الزكية، وأعظم الذوات القدسية، خصوصا على سيد البرية، محمد المصطفى وعترته المرضية، صلاة باقية إلى يوم الدين مستمرة على مر الدهور والسنين، وسلم عليهم أجمعين.
أما بعد: فإن الله تعالى لما أوجد الأشياء بعد العدم بمقتضى إرادته، وميز بينهما بحسب عنايته، جعلها متفاوتة في النقصان و الكمال ومتباينة بالثبات والزوال، واقتضت الحكمة الإلهية والعناية الأزلية تشريف الإنسان على غيره من الموجودات السفلية وتفضيله على جميع المركبات العنصرية بما أودع فيه من العقل الدراك الفارق بين متشابهات الأمور، والباقي إدراكه على تعاقب الدهور.
ثم لما كان مقتضى الحكمة الأزلية تتميم هذا التكميل، وتحصيل هذا التشريف على أبلغ تحصيل، وكان ذلك إنما يتم بمعرفته، ويحصل بالعلم بكمال حقيقته لا جرم، أمر